ما كانت قيمته من حين قبضه هو إلى حين التلف، ولا يطالب بما ذهب في يد الغاصب، لأنه ليس هو سبب يد الغاصب.
وأما الرجوع فلا يخلو الغاصب حين أطعمه من ثلاثة أحوال: إما أن يقول:
كل، فيطلق أو يقول: كله فهو طعام فلان غصبته إياه، أو يقول: كله فإنه ملكي.
فإن قال: كله، مطلقا أو قال: وهبته لك، فاندفع غير المالك على الأكل، فهل يرجع الآكل على الغاصب أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما يرجع لأنه غره، والثاني لا يرجع لأن التلف كان في يده فاستقر الضمان عليه، والأول أقوى.
فإن رجع على الغاصب، فهل يرجع الغاصب على الآكل أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما إذا قيل: يرجع الآكل به على الغاصب، لم يرجع الغاصب به على الآكل، وهو الأقوى، ومن قال: لا يرجع الآكل به على الغاصب، قال:
يرجع الغاصب به على الآكل.
وإذا قال: كله فهو طعام فلان غصبته إياه أو منه، فأكل، استقر الضمان على الآكل لأنه دخل مع العلم بالغصب، فإذا رجع به عليه، لم يرجع هو على الغاصب، وإن رجع على الغاصب رجع الغاصب به على الآكل.
وهكذا كل ما كان قبضا مضمونا مثل أن يأخذه على سبيل السوم، أو على أنه بيع صحيح، أو كان ثوبا فأخذه على أنه عارية مضمونة، فكل هذا يستقر عليه، لأنه دخل على أنه مضمون عليه، فلم يكن مغرورا فيه.
وإن قال: هذا طعامي كله، فأكل، نظرت: فإن رجع المالك على الغاصب لم يرجع الغاصب على الآكل لأنه يقول: أطعمتك ملكي، وإنما ظلمني فأخذ ما لا يستحقه فلا أرجع به على أحد، وإن رجع على الآكل فهل يرجع آكل على الغاصب أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما يرجع لأنه غره.
فأما إذا أطعمه مالكه، فهل تبرأ ذمة الغاصب بذلك أم لا؟ نظرت: فإن كان المالك عالما بأنه ملكه فأكل ملكه مع العلم بحاله برئت ذمته بذلك لأنه رضي بأكل مال نفسه فبرئت ذمة الغاصب منه، كما لو كان عبدا فأعتقه، وإن كان مع