والمشتري والمدعي كلهم يقولون: هذا مملوك، وإن لم يرد إلى الرق لتعلق حق الله به.
فإن مات العبد وخلف مالا كان للمدعي، لأنهم أجمعوا على أنه مملوك له ومملوك الإنسان إذا مات فماله لسيده، ويفارق الحرية لأنها حق الله تعالى فلم يقبل قولهم فيه، وهذه حقوق أموال يقبل قولهم فيها وسلمت إليه.
إذا غصب عبدا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يجنى على العبد أو يجني هو على غيره.
فإن جني عليه مثل أن قطع إحدى يديه فإن للسيد أن يضمن الجاني لأنه نقص لحق العبد بإتلافه، وله أن يضمن الغاصب لأنه نقص لحق العبد في يديه، فإن ضمن الغاصب كان له أن يضمنه أكثر الأمرين مما نقص وأرش الجناية، لأنه إن كان أرش الجناية أكثر، فهذا نقص لحق العبد في يده وإن كان ما نقص أكثر فإنه نقص لحق العبد في يده بالجناية من الغير وإمساكه غصبا، وإن رجع على القاطع الجاني رجع عليه بأرش الجناية، فيلزمه نصف قيمة العبد لا غير، وإن كان ما نقص أكثر من ذلك، لأنه إنما ضمنه بالجناية، فلا يجب عليه إلا المقدر.
فإن رجع على الغاصب بما ذكرناه نظرت: فإن كان أكثر الأمرين هو الأرش فالغاصب يرجع على الجاني بذلك كله، لأنه وجب بجنايته، وإن كان أكثر الأمرين ما نقص رجع على الجاني بأرش الجناية فقط، وما زاد عليها ففي مال الغاصب، وإن رجع على الجاني فإنه يرجع بأرش الجناية، وهو نصف القيمة، فإن كان الأرش بقدر ما نقص أو أكثر فلا شئ على الغاصب، وإن كان أرش الجناية أقل أخذه من الجاني ورجع بتمام ما نقص على الغاصب، لأنه لا يلزم الجاني أبدا إلا أرش الجناية.
فإن كان الجاني هو العبد، مثل أن جنى على عبد لآخر كان على الغاصب ضمان جنايته، لأن الجناية تتعلق برقبته، وهذا نقص وضمانه على الغاصب لأنه نقص لحق العبد في يده.