الله تعالى.
ثم إنه مع ما تقدم من عدم الخلاف في المسألة نرى أن المحقق نسبها إلى القيل ولم يعين القائل.
قال في المسالك: ونسب الحكم إلى القيل مؤذنا بعدم قبوله، ووجهه أن ذلك فعل محرم يستحق فاعله التعزير والأصل عدم سقوطه بمقابلة الآخر بمثله بل يجب على كل منهما ما اقتضى فعله فسقوطه يحتاج إلى دليل كما يسقط الحد عن المتقاذفين بالنص انتهى كلامه قدس سره الشريف.
وقال السيد في الرياض بعد أن احتمل عدم الخلاف في المطلب: ولكن نسبه الماتن في الشرايع إلى القيل المشعر بالتمريض، وكأن وجهه أن ذلك فعل محرم يستحق فاعله التعزير والأصل عدم سقوطه بمقابلة الآخر بمثله [إلى آخر ما كان في المسالك] ثم قال: وله وجه لولا الشهرة القريبة من الاجماع المؤيدة بفحوى جواز الاعراض عنهم في الحدود والأحكام فهنا أولى، وما دل على سقوط الحد بالتقاذف كالصحيحين في أحدهما عن رجلين افترى كل واحد على صاحبه فقال: يدرأ عنهما الحد ويعزران والتعزير أولى. وفي التأييد الثاني نظر بل ربما كان في تأييد الخلاف أظهر فتدبر انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
أقول: أما الشهرة فقد ذكرنا ذلك وأما الوجهان اللذان ذكرهما في تأييد المطلب فالأول هو فحوى جواز الاعراض عنهم في الأحكام والحدود.
وفيه ما ذكرناه آنفا فلا يتم التأييد به.
وأما الثاني فبيانه أن صريح الصحيحين الواردين في رجلين افترى كل منهما على الآخر هو سقوط الحد عنهما فإذا كان الحد يسقط عنهما بالمقابلة بالمثل في القذف فالتعزير أولى بالسقوط بسبب المقابلة بالمثل في السب.
وفيه ما أورده بنفسه فإن سقوط الحد هناك لا يدل على سقوط التعزير هنا فإن الحد أقوى وهذا بخلاف التعزير فإنه لا مؤونة في إقامته فربما يرفع الشارع الأقوى وهو لا يقتضي سقوط العقوبة الأضعف.