ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون.
أمر تعالى شأنه بالوضوء أولا، ومع فرض الجنابة بالغسل لظهور قوله: " فاطهروا " بعد قوله " فاغسلوا " وقبل فرض العجز عن الماء في التطهير بالماء واطلاقها يقتضي مطلوبيتهما مطلقا، واقتضائهما كذلك حتى في فرض العجز والفقدان، وليس لأحد أن يقول إن عدم ذكر قيد الوجدان لحصوله غالبا وندرة فقدانه، فإن ندرة فقدانه في تلك الأزمان والأسفار ممنوعة، ولو سلم ندرته لكن العجز المطلق المستفاد من الآية بذكر المرض والقاء الخصوصية بالنسبة إلى ساير الأعذار كما يأتي بيانه ليس بنادر، كما أن كونها بصدد بيان كيفية الوضوء لا ينافي الاطلاق من جهة أخرى، فالآية الشريفة بصدد بيان تكليف صنوف المكلفين من الواجد والفاقد والجنب وغيره، وقوله تعالى:
" فلم تجدوا " لا يصلح لتقييد الصدر بحيث صار معنونا بعنوان الواجد، فيكون العنوانان عدلين كالحاضر والمسافر.
أما أولا: فلأن العرف يفهم من عنوان الفاقد وعدم الوجدان ونظيرهما من العناوين الاضطرارية أن الحكم المتعلق به إنما هو في فرض الاضطرار والعجز عن المطلوب الأصلي، وفي مثله لا يكون التكليفان في عرض واحد على عنوانين.
وأما ثانيا: فلأن جعل المرضى قرين المسافر، دليل على أن الحكم كما في المرضى اضطراري الجائي كذلك في ساير الأصناف.
وأما ثالثا: فلأن التذييل بقوله: " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج " الظاهر عرفا في كونه مربوطا بالتيمم في حال المرض والسفر، وإن الأمر بالتيمم لأجل التسهيل ورفع الحرج، فإن الأمر بالمرضى بالطهارة المائية، وبالمسافر بتحصيل الماء كيف ما اتفق حرجي، وما يريد الله ذلك يدل على التيمم سوغ لأجل التسهيل ورفع الوضوء والغسل للحرج، ولا يكون ذلك إلا مع تحقق الاقتضاء فيفهم منه أن التكليف الأولي الأصلي هو الطهارة المائية، وله اقتضاء حتى في صورة العجز