تعالى: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الخ لا يدل إلا على أن تلك المهيات أو أثرها شرط للصلاة والأوامر المتعلقة بها للارشاد إلى الشرطية.
لا أقول باستعمال الهيئة في غير ما وضعت له، فإن التحقيق أن هيئة الأمر الموضوعة لنفس البعث والاغراء استعملت في مثل المقام فيما وضعت له، لكن البعث لداعي إفادة الشرطية كما أن النهي في مثل المقام كقوله: " لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه " استعمل في الزجر، لكن لإفادة ما نعيته للصلاة، بل الظاهر من قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة: " الوضوء فريضة " (1) أيضا كونه فريضة في الصلاة وهو لا يفيد إلا الشرطية والدليل عليه صحيحته عن أبي جعفر عليه السلام أيضا بالسند المتقدم " قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة؟ فقال: الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء " (2) فعد الوقت من فرائض الصلاة في عرض الطهور، ولا اشكال في أن الوقت فرض فيها بالمعنى الذي ذكرنا.
وكيف كان لا اشكال في عدم الوجوب النفسي في الطهارات كما يدل عليه بعض الروايات، كرواية الكاهلي وغيرها، كما أن التحقيق عدم الوجوب الغيري أيضا لما ذكرنا في محله من عدم وجوب المقدمة شرعا، بل عدم امكان وجوبها، بل لو قلنا بوجوب المقدمة أيضا لا يلزم منه وجوب تلك العناوين بما هي، لما حقق من وجوب المقدمة الموصلة أي عنوان الموصل بما هو موصل، فلا يسري الوجوب منه إلى ما يتحد معه وجودا فلا تقع الطهارات الثلاث إلا على وجه واحد هو الاستحباب، وإنما جعلت شرطا ومقدمة للصلاة بما هي مستحبات وعبادات، فما هو شرط له هو الوضوء العبادي والتيمم العبادي، فتكون عباديتها قبل تعلق الأمر الغيري بها على فرض تصوير الأمر الغيري، فلا يمكن أن تكون عباديتها لأجل الأمر الغيري المتعلق بها، لأن الأمر الغيري لا يتعلق إلا بما هو شرط للصلاة، فإن كان الشرط ذات تلك الأفعال بلا اعتبار