وبالجملة إذا صارت أهمية الوقت موجبة لرفع اليد عن مصلحة المائية، كيف يمكن مصادمة المائية مع مصلحته، ولا مجال لتوهم أن فقدان الماء صار موجبا لحدوث مصلحة في الصلاة مع الترابية، لأن ذلك خلاف ظاهر الأدلة آية ورواية، فإن الظاهر منها أن الترابية مرتبة ناقصة كما عبر عنها في الروايات بنصف الطهور ففي رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام: " ألا ترى أنه إنما جعل عليه نصف الطهور " (1) ومثلها رواية الحسين بن أبي العلاء وإن احتمل أن يكون المراد بهما نصف الوضوء كما في صحيحة الحلبي، فيكون المقصود المسح على بعض الوجه واليد، لكن لا ينافي ذلك فهو قصور الترابية عن المائية بل قد عرفت سابقا دلالة الآية عليه.
وبالجملة لا قصور في دلالة الأدلة على أن الوجدان المنافي لدرك الوقت يعد عدم الوجدان، وعدم مزاحمة المائية للوقت، هذا مضافا إلى أن الفحص عن موارد الأعذار وأن الشارع لم يرفع اليد عن الصلاة في وقتها لأجل عذر من الأعذار ويكن التخلف عنه في غاية القلة يوجب الاطمينان بل العلم بأن للوقت أهمية لا يزاحمها شئ من الأعذار، بل يشعر بذلك تسمية ترك الاتيان في الوقت بالفوت دون فقدان غيره من الأجزاء والشرائط فالآتي بها بعد الوقت جامعة لساير ما يعتبر فيها فاتت منه، والآتي بها فيه مع فقد جل الأجزاء والشرائط لم تفت منه، بل الناظر فيما وردت في تارك الصلاة وأن من تركها متعمدا فهو كافر أو برئت منه ذمة الاسلام، وأن تركها أعظم من ساير الكبائر، يرى أن المراد من تركها عدم اتيانها في وقتها إلى غير ذلك مما يستنبط منها أن الصلاة لا تترك بحال.
وتدل على المقصود أيضا صحيحة زرارة عن أحدهما " قال: إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت " (2)