في نفسه وأن لا يبعد انصرافه إليه لكن الجواب وحكاية أبي عبد الله عليه السلام مرضه ووجعه الشديد صريح في لا بدية الغسل، ولو كان مريضا وسقيما، وفي معرض الازدياد بل التلف وقوله في صحيحة سليمان " نتخوف إن هو اغتسل أن يصيبه عنت من الغسل " الذي استشهد به لمرامه من أن العنت عبارة عن المشقة وقوله عليه السلام " يغتسل وإن أصابه ما أصابه " أي من العنت والمشقة غير صالح للاستشهاد، لأن العنت كما جاء بمعنى المشقة جاء بمعنى الهلاك والفساد، وظاهر قوله " نتخوف أن يصيبه عنت " أصابة فساد أو هلاك وإلا فأصل المشقة في الأرض الباردة معلومة، ولا يقال معها نتخوف أن يصيبه، ولو سلم لكن لحن قوله: " وإن أصابه ما أصابه) لا يلائم الحمل على المشقة فقط، ولو سلم لكن حكاية أبي عبد الله عليه السلام اغتساله مع الوجع الشديد والليلة الباردة والريح الشديد، وقول الغلمة وغير ذلك مخالف لما ذكر ولو سلم ذلك في صحيحة سليمان لا يأتي احتماله في صحيحة ابن مسلم.
وأضعف من جميع ذلك حملهما على الاستحباب مع إبائهما عنه وكيف يحمل عليه قوله " يغتسل وإن أصابه ما أصابه " وقوله عليه السلام في جواب الغلمة من الخوف على نفسه " ليس بد " وقوله: " يغتسل على ما كان " وقوله بعد قول الرجل: فمرض شهرا من البرد:
" اغتسل على ما كان " وقوله بعد حكاية غسله في حال المرض: " لا بد من الغسل " ولعمري إن طرح الرواية أولى من هذا النحو من الجمع!.
وكيف كان لا محيص عن طرحهما ورد علمهما إلى أهله بعد وهنهما بظهورهما في إصابة الجنابة عليه عليه السلام من غير اختيار، وهو منزه عنها، وبغاية بعد الاختيارية منها في هذه الحال وفي هذه الأرض البادرة المخوفة على النفس، ولمخالفتهما للعقل والكتاب والسنة، وباعراض المشهور عنهما على ما حكي، وموافقتهما للمحكي عن أصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين.
ثم قد مر أنه لا فرق في خوف المرض وغيره بين الشديد والضعيف، إلا إذا كان يسيرا غير معتنى به، وأما الشين الذي ادعى عدم وجدان الخلاف في جواز التيمم معه،