والأمكنة كانوا كثيرين، والتخلف عن الرفقة كان تغريرا بالنفس نوعا لعدم إبائهم عن إراقة الدماء، ولهذا أجاب الإمام عليه السلام بما أجاب، مع اطلاق السؤال بل لا يبعد أن يكون السؤال قرينة على الخوف، وإلا فمع الأمن ووجود الماء لا يحتمل سقوط الوضوء.
وقد يكون في الوصول إلى الماء ضرر مالي من غير حصول عنوان آخر كالحرج فقد استدل على سقوط المائية به بدليل " لا ضرر ولا ضرار "، وبالإجماع المحكي عن الغنية والمعتبر والمنتهى والتذكرة وكشف اللثام والمدارك، وبروايتي داود ويعقوب المتقدمتين، وباستقراء أخبار التيمم في سقوط المائية بأقل من ذلك.
وفيه ما ذكرناه في رسالة مستقلة من أن دليل الضرر ليس بصدد رفع الأحكام الضرورية كما أفادوا، بل حكم سياسي سلطاني صدر من رسول الله صلى الله عليه وآله بما هو سلطان على الناس فراجع، والاجماع المحكى مع كونه موهونا لأجل احتمال استنادهم إلى الأدلة مثل دليلي الضرر والحرج وغيرهما من الأخبار، لا يبعد أن يكون معقده هو الخوف عن اللص في ماله وقد مر أنه حرجي مرفوع بدليله.
ففي الغنية ادعى الاجماع على الجواز عند حصول خوف لعدو من غير ذكر المال وفي المنتهى ادعى عدم وجدان الخلاف في الخوف على المال من لص أو عدو أو حربي، وعن المعتبر وكشف اللثام مثله، وفي المدارك هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب على ما نقله جماعة بل قال في المنتهى: إنه لا يعرف فهي خلافا بين أهل العلم " انتهى " و القيد الأخير ليس في النسخة الموجودة عندي.
وكيف كان هذه العبارات كما ترى ظاهرة في دعوى الاجماع في مورد الخوف من اللص ومثله، وهو حرجي كما مر، والروايتان مورد هما الخوف من اللص و السبع أيضا بل ظاهر هما الخوف على النفس.
والتمسك بالاستقراء في غير محله بعد ورود وجوب شراء ماء الوضوء بالغا ما بلغ، بل يمكن استفادة وجوب صرف المال لتحصيل الماء للطهارة من صحيحة