عن الدخول إنما هو لافساد الماء المعد لشرب القوافل والمارة، وتلك الآبار في الطرق إنما حفرت لاستقاء المارة للشرب وساير الحاجات، ولا يجوز افسادها و الدخول فيها لعدم كونها كالمياه المباحة، ولا يجوز التصرف فيها بغير ما جعلت له و كيف كان لا ربط لها بالحرج الذي يكون الكلام فيه.
ومن الحرج الشراء الموجب للشدة والضيق في المعيشة، أو للوهن في وجاهته واعتباره من غير فرق بين أن يكون أزيد من ثمن المثل أو لا، ولا في حصول الحرج في الحال أو في الاستقبال مما يعد بنظر العرف حرجا، وما دل على وجوب شرائه بمئة درهم بل بما بلغ لو سلم اطلاقه بالنسبة إلى مورد الحرج والغض عن أن قوله في صحيحة صفوان وهو واجد لها ظاهر في أنه ميسور له كما هو ظاهر ذيل خبر الحسين بن طلحة، وهو قوله " على قدر جدته " فمحكوم لدليل نفي الحرج كما هو واضح.
ومن الحرج الخوف من السبع واللص ولو كان على أخذ ماله لا على نفسه، لأن لآخذ اللص ماله والتسلط عليه مهانة وذلة ووهنا تأبى عنها النفوس غالبا ويكون تحملها حرجيا.
ومنه الخوف على العرض، فإن الوقوع في معرض هتك الأعراض من أوضح موارد الحرج، وتدل على جواز التيمم عند خوف السبع واللص مضافا إلى دليل نفي الحرج رواية داود بن كثير الرقي ولا يبعد صحتها لعدم بعد وثاقة داود " قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أكون في السفر فتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال إن الماء قريب منا أفأطلب الماء وأنا في وقت يمينا وشمالا؟ قال: لا تطلب الماء ولكن تيمم فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع " (1) ورواية يعقوب بن سالم " قال: سألت أبا عبد الله عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك قال: لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع " (2) وهما مختصتان بالخوف على نفسه، ولعل اللصوص في تلك الأزمنة