وأما إذا حدث بعد الصلاة فلا طلاق الآية فإن الظاهر من صدرها أنه إذا قام المكلف إلى الصلاة يجب عليه الوضوء أو الغسل ولو في سعة الوقت، ومقتضى عطف المرضى والمسافر الفاقد عليه جواز التيمم في السعة، وبعدما علم أن المراد بعدم الوجدان عدم الاهتداء إلى ما يمكن استعماله تمت الدلالة على صحة التيمم والصلاة، لتحقق الموضوع، وظهور الآية في الاجزاء.
ويمكن الاستدلال على المطلوب بما دل على عدم وجوب الإعادة لو وجد بعد الصلاة مع بقاء الوقت، كصحيحة زرارة " قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: فإن أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت؟ قال: تمت صلاته ولا إعادة عليه " (1) ومثلها غيرها وهي وإن كانت في مقام بيان حكم آخر لكن يستفاد منها أن من كان تكليفه التيمم فصلى بتيمم لا إعادة عليه وإن وجد الماء في الوقت ولو أخل بالطلب حتى ضاق الوقت تيمم وصلى ولا قضاء عليه، وعن المدارك أنه المشهور، وعن الروض نسبته إلى فتوى الأصحاب وفي الجواهر أنه الأظهر الأشهر.
ويمكن استفادته من الآية بمناسبات مغروسة في الأذهان بأن يقال: إن المراد من عدم وجدان الماء عدم وجدان ما يمكن استعماله مع حفظ الوقت، وإلا فلو لم تلاحظ مصلحة الوقت أو كانت مصلحة المائية مقدمة على مصلحته لم يشرع التيمم مع عدم الوجدان، ضرورة أن عدمه لم يستمر إلى آخر العمر، فايجاب التيمم مع الفقد لأجل عدم فوت الصلاة وحفظ مصلحة الوقت، فالمراد بعدم الوجدان عدم وجدان ما يغتسل و يتوضأ به في الوقت، ومع الضيق يكون فاقدا للماء الكذائي وإن كان واجدا للطبيعة، والظاهر من تعليق الحكم عليه أنه تمام الموضوع للتبديل من غير دخالة شئ آخر.
ودعوى الانصراف إلى ما لا يكون سببه المكلف عصيانا، في غير محلها لأن الظاهر منها أن الترابية مع فقد الماء طهور قائمة مقام المائية من غير دخالة لأسباب الفقد فيه بل المناسبات المغروسة في الذهن توجب إلغاء بعض القيود لو كان في الكلام ومعه لا