ونهر سهل أي ذو سهولة، وسهل الموضع، بل وأسهل الدواء بمعنى، ويفهم بالانتساب إلى المتعلقات كيفية السهولة، وكذا الحزن فإذا قيل للجبال الغلاظ الحزن كصرد وللشاة السيئة الخلق الحزون، ولقدمة العرب على العجم في أول قدومهم الذي استحقوا فيه ما استحقوا من الدور والضياع الحزانة، يكون بمعنى واحد. بل لا أستبعد أن يكون الحزن مقابل الفرح من هذا الأصل وإن اختلفت الهيئات.
ثم على الاحتمال الأول يكون الميزان في الغلوة والغلوتين سهولة الأرض و حزونتها ذاتا، سواء كانتا في الخبر خبرا والكون ناقصا أو فاعلا وهو تاما، لأن المفروض مأخوذية عنوان الأرض فيهما، ولا ريب في أنهما إذا كانتا صفة الأرض تلاحظ غلظتها وسهولتها الذاتية ككونها جبلا وبسيطا فلا تنافي السهولة الأشجار فيها، فأراضي العراق سهلة مع ما فيها من الأشجار، فلا بد من اسراء الحكم إلى غيرها كالأراضي المشجرة من دعوى إلغاء الخصوصية والعهدة على مدعيها.
وأما على الاحتمال الثاني الراجح فإن كان الكون ناقصا وقدرت الأرض اسما له بقرينة المقام يكون الأمر كما مر وإن كان تاما ويكون المعنى إن تحققت حزونة فكذا من غير انتساب إلى الأرض، يمكن استفادة ساير الموانع كالشجر والثلج الغليظ منها، ولو لم يمكن استظهار تمامية الكون والوثوق بترجيح ثاني الاحتمالين فلا محيص عن الاحتياط، لما عرفت من حكم العقل ودلالة الآية، وأن رواية السكوني لتقدير المقدار فمع اجمالها يحتاط في موارد الاحتمال بالأخذ بأكثر الحدين، وكذا في كل مورد مشكوك فيه.
وأما الغلوة بفتح المعجمة: المرة من غلا. وهي رمية بأبعد المقدور.
قال في الصحاح: غلوت بالسهم غلوا إذا رميت به أبعد ما تقدر عليه، والغلوة الغاية رمية سهم، وقال: غلا يغلو غلوا أي جاوز فيه الحد ويظهر منه مجيئها بمعنى رمية سهم أيضا.
وفي القاموس: غلا في الأمر غلوا: جاوز حده، وبالسهم غلوا وغلوا رفع