بيد العبد ومعها تتحقق إرادتها والبعث إليها، وهذه المقدمات كما هي حاصلة في مقدمات الواجب المطلق والمشروط بعد تحقق شرط، حاصلة للمشروط قبل تحقق شرطه، فإن المولى الأمر بشئ مشروطا بوقت مثلا، إذا تصور مقدمته الوجودية قبل مجيئ شرطه وتصور توقفه عليها وصدق ذلك، ورأي أن مطلوبه في موطنه متوقف عليه، وإن لم يكن بالفعل مطلوبا له، ولا يمكن التوصل به إلا بايجادها فمع انحصارها تتعلق لا محالة إرادته بايجادها للتوصل بها إلى ما يصير واجبا ومطلوبا مطلقا في موطنه، لحصول مبادئ الإرادة وعدم امكان تفكيك مباديها عنها، وتبعية وجوب المقدمة عن وجوب ذي المقدمة ليس إلا بهذا المعنى المحقق في الواجبات المشروطة قبل مجيئ شرطها أيضا، ومع عدم الانحصار يحكم العقل بالتخيير.
نعم لو كانت الملازمة بين الإرادة الفعلية أو الوجوب الفعلي المتعلق بذي المقدمة مع وجوب مقدمته لكان وجوبها قبل وجوبه ممتنعا لكن المبنى فاسد، بل وجوبها على فرض تسليم الملازمة تابع لوجوب ذيها بالوجه الذي عرفت، وقد عرفت عدم الفرق بين فعلية وجوب ذي المقدمة أو ما سيصير فعليا من غير لزوم الالتزام بالوجوب التعليقي أو التفصيل بين المقدمات المفوتة وغيرها.
فتحصل مما ذكرناه أن الطهارات الثلاث قبل حضور أوقات الصلاة واجبة بناء على القول بوجوب المقدمة، ولو قلنا بأن الوقت شرط الوجوب وأن عباديتها تتوقف على الأمر الغيري المقدمي، مع أن كون الصلاة من قبيل الواجب المشروط بحضور أوقاتها محل منع لظهور الكتاب الكريم، وأكثر الأخبار في الوجوب التعليقي كقوله تعالى: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " وقوله تعالى: " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " المفسر بكونها موجوبا وثابتا ومفروضا في الروايات وقوله تعالى " أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " المفسر بصلاة الغداة والمغرب والعشاء.
وكقول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة: " إنما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة " فيكون الوجوب فعليا والواجب