فيمكن الاستيناس به للفرض الثاني.
ويمكن الاستدلال عليه برواية ابن المغيرة " قال: إن كانت لأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم من غباره أو شئ مغبر، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم به " (1) فإن الظاهر من عطف شئ مغبر (بأو) أنه مع فقد التراب والماء في عرض الموضع الأجف، فمع البناء على أن الأرض الندية في عرض التراب ويجوز التيمم بها اختيارا يتم المطلوب، إلا أن المظنون حصول تقطيع في تلك الرواية وأن أصلها هي صحيحة رفاعة المنقولة بتوسط ابن المغيرة، مع أنها مقطوعة غير منسوبة إلى المعصوم ولعله فتواه.
والانصاف أنه لولا مخالفة الأصحاب، وعدم ثبوت مخالف في المسألة حتى السيد كما عرف لكان الجواز اختيارا غير بعيد، لكن بعد تسليم المسألة بينهم وبعد ظهور الآية الكريمة في تعين التيمم بالصعيد، وبعد ظهور الأخبار الكثيرة التي جملة منها ظاهرة في حصر المتيمم به بالأرض، يمكن دعوى أن التجويز بالغبار من جهة أنه ميسور الأرض لكونه أثرها، ولهذا ترى أن ما دلت على تجويزه به إنما هي في موارد خاصة كالمواقف الغير القادر على النزول، والمصاب بالثلج والخائف من سبع وغيره، وليس في الروايات العامة إلا التيمم بالأرض والصعيد والتراب، فلو كان في حال الاختيار جايزا لكان في تلك الروايات الكثيرة خصوصا ما وردت في مقام الامتنان ذكر منه، فيحصل الاطمينان بما عليه المشهور.
مع امكان أن يقال إن ما أنكرنا من دلالة الروايات على الترتيب مناقشات عقلية بعيدة عن الأذهان العرفية، والعرف يفهم منها مع خلو نفسه عن المناقشات العقلية الترتيب، ويشهد به فهم الفقهاء وأرباب اللسان.
وبالجملة الظاهر من الروايات عرفا بعد تعليق الجواز على أمور عذرية، أن التيمم به متأخر عن التيمم بالصعيد الذي هو التكليف الأولى كتابا وسنة، ولا ينقدح