ويكون حجة عليه ويحتمل ان يكون أمارة شرعية كخبر الثقة بناء على ان يكون اعتباره من قبل الشرع، ويحتمل ان يكون أمارة عقلائية كخبر الثقة بناء على كون اعتباره من بناء العقلاء، ويحتمل ان يكون أصلا عقلائيا يكون بناء العقلاء على العمل به لا لأجل طريقيته عن الواقع بل لحكمة دفع الحرج كأصالة الصحة بناء على كونها من الأصول العقلائية التي شرعت عندهم لأجل حكمة دفع الحرج لا لأجل الطريقية العقلائية ويحتمل ان يكون دليلا عقليا من العقليات الغير المستقلة أي التي تنتهي إلى الحكم الشرعي لا بالاستقلال بل بضم مقدمة شرعية كالحكم بالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته.
واما احتمال كونه من العقليات المستقلة فممنوع لأنها هي القضايا العقلية المنتهية إلى الحكم الشرعي بلا توسط شيء آخر وراء الحكم العقلي كالحكم بان الظلم قبيح وتجويزه على الشارع قبيح والقبيح محال عليه فينتج ان الظلم حرام بحسب حكم الشرع، ولا يخفى ان الاستصحاب بناء على أخذه من العقل لم يكن من العقليات المستقلة لاحتياجه إلى خطاب شرعي جعل صغرى للكبرى العقلية.
ثم اعلم ان القائل بان الاستصحاب أصل عملي يمكن ان يأخذه من الاخبار وهو واضح، ويمكن ان يأخذه من بناء العقلاء لإمكان ان يكون أصلا عقلائيا بنى العقلاء على العمل به لمصالح، كدفع الحرج ورغدة العيش، اللهم الا ان ننكر الأصل العقلائي مطلقا ونقول ما عند العقلاء لا يكون الا الطرق كما هو المعروف ولكنه غير مسلم والقائل بأنه دليل اجتهادي يمكن ان يأخذه من بناء العقلاء أو حكم العقل، ويمكن ان يأخذه من الاخبار بادعاء ان مفادها هو اعتباره من حيث طريقيته وكاشفيته عن الواقع. ومن بعض ما ذكرنا يظهر النظر في بعض ما أفاده الشيخ الأنصاري في هذا المقام (1) فراجع.