والملفوظة لكونهما حاكيتين عن الواقع منطبقتين عليه نعلا بالنعل، كما حققنا ذلك في مباحث الألفاظ فراجع واما القضية السالبة البسيطة المحصلة سواء كانت بنحو الهلية البسيطة كزيد ليس بموجود، أو المركبة السالبة بسلب الموضوع كالعنقاء ليس بأبيض، فليس لموضوعها ومحمولها ونسبتها تحقق أصلا أي لا تحكى القضية عن موضوع ومحمول ونسبة بل يدرك العقل بطلان الموضوع ولا شيئيته بتبع صورة إدراكية موجودة في الذهن فيحكم ببطلانه أو بطلان اتصافه بشيء بحسب الواقع من غير ان يكون كشف عن واقع محقق، وسيأتي بيان مناط الصدق والكذب في القضايا.
والجهة الأخرى ان النسبة السلبية ليست نسبة برأسها مقابلة للنسبة الإيجابية كما عليه المتأخرون من أهل النظر، لأن حرف السلب آلة لسلب المحمول عن الموضوع لا لنسبته إليه، فمفاد السوالب ليس الا سلب المحمول عن الموضوع وحرف السلب ليس إلا آلة لسلبه عنه، فإذا لو حظ الواقع يرى انه ليس بين المحمول والموضوع نسبة أي لا يكون المحمول حاصلا للموضوع فلا نسبة بينهما فإنها منتزعة من حصوله له، والقضية المعقولة أيضا تتعقل على نعت الخارج أي يكون مفادها سلب الربط بينهما، لا ربط السلب، ولا ربط هو السلب، وكذا مفاد القضية الملفوظة، فالقضية السلبية لا تشتمل على النسبة رأسا كما انه في الواقع ليس بين الموضوع والمحمول ربط ونسبة، فالقضية السالبة مفادها سلب الربط والا فان كان مفادها ربط السلب تصير معدولة، وان كان مفادها الربط بينهما بالنسبة السلبية أي يكون السلب هو الربط يخرج حرف السلب عما هو عليه من كونه آلة لسلب المحمول عن الموضوع مع ان لازم ذلك أي الانتساب السلبي اتصاف الموضوع والمحمول بالسلب، فيكون مفاد القضية معنونية الموضوع بسلب المحمول عنه ومعنونية المحمول بسلبه عنه، فتصير القضية السالبة مشتملة على نسبة إيجابية مع انه خلاف الضرورة وخلاف الواقع الذي تكون القضية كاشفة عنه، مع ان القضية موجبة كانت أو سالبة لا بد وان تكون حاكية عن نفس الأمر كاشفة عن الواقع فإذا لم يكن في الواقع ونفس الأمر ربط ونسبة بين الموضوع والمحمول لا بد وان تكون