فأنفذ في الوقت والحين أن يحضر علي بن يقطين، فلما مثل بين يديه قال: ما فعلت بالدراعة السوداء التي كسوتكها واختصصتك بها من مدة من بين سائر خواصي؟
قال: هي عندي يا أميرالمؤمنين في سفط طيب مختوم عليها. فقال: احضرها الساعة فقال: نعم يا أميرالمؤمنين السمع والطاعة، فاستدعى بعض خدمه فقال:
امض وخذ مفتاح البيت الفلاني من داري وافتح الصندوق الفلاني وائتني بالسفط الذي فيه على حالته بختمه، فلم يلبث الخادم الّا قليلًا حتى عاد وفي صحبته السفط مختوماً على حالته بختمه، فوضع بين يدي الرشيد، فأمر بفك ختمه ففك وفتح السفط فإذا بالدراعة فيه مطوية ومدفونة بالطيب على حالها لم تلبس ولم تدنس ولم يصبها شي ء من الأشياء. فقال لعلي بن يقطين: ردها إلى مكانها وخذها وانصرف راشداً، فلن نصدق بعدها عليك ساعياً، وأمر أن يتبع بجائزة سنية، وأمر أن يضرب الساعي ألف سوط فضرب، فلما بلغوا الى خمس مائه سوط مات تحت الضرب قبل الألف» «1».
روى إسحاق بن عمارة قال: «لما حبس هارون موسى الكاظم عليه السّلام دخل عليه السجن ليلًا أبو يوسف ومحمّد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة، فسلما عليه وجلسا عنده وأرادا أن يختبراه بالسؤال لينظرا مكانه من العلم، فجاء بعض الموكّلين بالكاظم عليه السّلام فقال له: ان نوبتي قد فرغت وأريد الانصراف الى غد ان شاء اللَّه، فان كان لك حاجة تأمرني أن آتيك بها معي إذا جئتك غداً فقال:
ما لي حاجة انصرف. ثم قال لأبي يوسف ومحمّد بن الحسن: اني لأعجب من هذا الرجل، يسألني أن أكلفه حاجة يأتيني بها غداً إذا جاء وهو ميت في هذه الليلة،