مع هذه المشاكل التي سجل التاريخ الخزي على مؤججيها، كان علي بن الحسين مشغولًا بنشر العلم وإنارة الأفكار وتهذيب الأخلاق، فكثر تلاميذه والآخذون من معادن حكمه، في أنواع العلوم، ولقد أخذ منه وتلمذ عنده علماء البلاد القريبة والبعيدة، وسجل شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي أسماءهم على حسب حروف التهجي وهم مائة وواحد وسبعون.
بكاؤه على أبيه الحسين
روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام: «البكاؤون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمّد وعلي بن الحسين عليهم السلام. فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه امثال الأودية. وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى قيل له «تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ» «1» وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذّى به أهل السجن فقالوا له: اما أن تبكي الليل وتسكت بالنهار، واما أن تبكي النهار وتسكت بالليل فصالحهم على واحدة منهما.وأما فاطمة فبكت على رسول اللَّه حتى تأذى بها أهل المدينة، فقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك فكانت تخرج الى المقابر فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف.