واعلم انه متى بيعت مكرمة أو اشتريت فسواه بايعها وهو المشتري، يضرب في السؤدد والفخار بالقداح الفايزة، وإذا أجيز كريم للشرف والمجد فاز بالجايزة، واحد زمانه غير مدافع، ونسيج وحده غير منازع، وسيد أهل عصره وإمام أهل دهره، فالسعيد من وقف عند نهيه وأمره، فله العلاء الذي علا على النجوم الزاهرة والمحتد الذي قرع العظماء عند المنافرة والمفاخرة، والمنصب الذي ملك به معادتي الدنيا والآخرة. فمن الذي يرجو اللحاق بهذه الخلال الفاخرة والمزايا الظاهرة والأخلاق الشريفة الطاهرة، أقواله سديدة، وأفعاله رشيدة، وسيرته حميدة، وعهوده في ذات اللَّه وكيدة، فالخيرات منه قريبة والشرور عنه بعيدة، إذا كان أفاضل زمنه قصيدة كان عليه السّلام بيت القصيدة، وان انتظموا عقداً كان مكان الواسطة والفريدة، وهذه عاده قد سلكها الأوائل وجرى على منهاجها الأفاضل، والا كيف تقاس النجوم بالجنادل؟ وأين فصاحة قسّ من فهاهة باقل؟ فارس العلوم الذي لا يجارى، ومبين غامضها فلا يجادل ولا يمارى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدقائق بفكره الثاقب، المطّلع بتوقيف اللَّه على أسرار الكائنات، المخبر بتوفيق اللَّه عن الغائبات، المحدث في سرّه بما مضى وبما هو آت، الملهم في خاطره بالأمور الخفيات، الكريم الأصل والنفس والذات، صاحب الدلائل والآيات والمعجزات، مالك أزمة الكشف والنظر، مفسر الآيات مقرّر الخبر، وارث السادة الخير، ابن الأئمة، أبو المنتظر، فانظر الى الفرع والأصل، وجدّد النظر واقطع بأنهما عليهما السلام أضوأ من الشمس وأبهى من القمر، وإذا تبين ذكاء الأغصان تبين طيب الثمر، فأخبارهم ونعوتهم عليهم السلام عيون التواريخ وعنوان السير.
شرف تتابع كابر عن كابر | | كالرمح أنبوباً على أنبوب |
وواللَّه أقسم قسماً برّاً أن من عدّ محمّداً جدّاً وعلياً أباً، وفاطمة أماً، والأئمة آباء، والمهدي ولداً، لجدير أن يطول السماء علاء وشرفاً، والأملاك سلفاً وذاتاً، وخلفاً، والذي ذكرته من صفاته دون مقداره، فكيف لي باستقصاء نعوته وأخباره، ولساني قصير وطرف بلاغتي حسير، فلهذا يرجع عن شأو صفاته كليلًا، ويتضاءل لعجزه وقصوره، وما كان عاجزاً ولا ضئيلًا، وذنبه انه وجد مكان القول ذاسعة فما كان قؤولًا، ورأى سبيل الشرف واضحاً وما وجد الى حقيقة مدحه سبيلًا، فقهقر وكان من شأنه الإقدام، وأحجم مقرّاً بالقصور وما عرف منه الاحجام، ولكن قوى الإنسان لا مقاديرٌ تنتهي اليها وحدود تقف عندها وغايات لا تتعدّاها.
يفنى الزمان ولا يحيط بوصفهم | | أيحيط ما يفنى بما لا ينفد «١» |
مناقب الإمام العسكري
قال ابن الصباغ المالكي: «مناقب سيدنا أبي محمّد الحسن العسكري دالّة على أنه السرّي ابن السري، فلا يشك في إمامته أحدٌ ولا يمتري، واعلم انه لو بيعت مكرمة فسواه بايعها وهو المشتري، واحد زمانه من غير مدافع ونسيج وحده من غير منازع، وسيد أهل عصره وأمام أهل دهره، أقواله سديدة وأفعاله حميدة، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة، وان انتظموا عقداً كان مكان الواسطة الفريدة، فارس العلوم الذي لا يجارى، ومبيّن غوامضها فلا يحاول ولا يمارى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدقائق بفكره الثاقب