والركوة طافية عليه فمدّ يده وأخذها ملأى فتوضأ منها وصلى أربع ركعات، ثم مال الى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويجعل في الركوة ويحركها ويشرب، فاقبلت نحوه وسلمت عليه فرد علي السلام، فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم اللَّه عليك فقال: يا شقيق لم تزل نعم اللَّه عليّ ظاهرة وباطنة فأحسن ظنك بربك ثم ناولني الركوة فشربت منها فإذا هو سوبق سكر، فواللَّه ما شربت قط الذ منه ولا أطيب فشبعت ورويت وأقمت اياماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً.
ثم لم اره حتى حططنا بمكة، فرايته ليلة الى جنب قبة الشراب في نصف الليل وهو قائم يصلي بخشوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك إلى طلوع الفجر، فلما اصبح جلس في مصلاه يسبح اللَّه تعالى ثم مال إلى حاشية الطواف فركع الفجر هناك ثم صلى فيه الصبح مع الناس، ثم خرج يريد الذهاب فخرجت خلفه أريد السلام عليه وإذا بجماعة قد طافوا به يميناً وشمالًا ومن خلفه ومن قدامه، وإذا له حاشية وخدم وحشم وموالي وأتباع قد خرجوا معه فقلت لهم: من هذا الفتى؟ فقالوا: هو موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فقلت: لا يكون هذا الّا لمثل هذا، ثم اني انصرفت.
وهذه الحكاية رواها جماعة من أهل التأليف والمحدّثين رواها ابن الجوزي في كتابه (مسير عزم الساكن الى أشرف الأماكن) ورواها الحافظ عبد العزيز الأخضر الجنابذي في كتابه (معالم العترة النبوية) ورواها الرامهرمزي قاضي القضاة في كتابه (كرامات الأولياء) وغيرهم» «1».