فقال الرشيد: مما ضحكت يا اعرابي؟
قال: تعجباً منكما إذ لا أدري من الأجهل منكما، الذي يستوهب أجلًا قد حضر أو الذي استعجل أجلًا لم يحضر.
فقال الرشيد: فسّر ما قلت.
قال: أما قولي الفرض واحد، فدين الاسلام كله واحد، وعليه خمس صلوات، وهي سبع عشرة ركعة واربع وثلاثون سجدة وأربع وتسعون تكبيرة، ومائة وثلاث وخمسون تسبيحة. وأما قولي: من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهراً، وأما قولي: من الأربعين واحد، فمن ملك أربعين ديناراً أوجب اللَّه عليه ديناراً، وأما قولي: من مائتين خمسة فمن ملك مائتي درهم أوجب اللَّه عليه خمسة دراهم، وأما قولي: فمن الدهر كله واحد، فحجة الاسلام، وأما قولي: واحد من واحد، فمن أهرق دماً من غير حق وجب اهراق دمه، قال اللَّه تعالى:«النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» «1» فقال الرشيد: للَّه درك وأعطاء بدرة فقال: فبم استوجب منك هذه البدرة يا هارون بالكلام أو بالمسألة؟ قال: بالكلام.
قال: فاني مسائلك عن مسألة فان أنت أتيت بها كانت البدرة لك تصدق بها في هذا الموضع الشريف، فان لم تجبني عنها اضفت الى البدرة بدرة أخرى لأتصدق بها على فقراء الحي من قومي.
فأمر بإيراد أخرى وقال: سل عما بدا لك.
فقال: أخبرني عن الخنفساء تزق أم ترضع ولدها؟ فخرد «2» هارون وقال:
ويحك يا اعرابي مثلي من يسأل عن هذه المسألة؟ فقال: سمعت ممن سمع من رسول