ثم ان أهل بيته انصرفوا عنه فما كان بعد مدّة يسيرة حتى اجتمعوا لقراءة الكتاب الوارد على موسى الكاظم بموت موسى الهادي، وفي ذلك يقول بعضهم:
وسارية لم تسر في الأرض تبتغي | محلًا ولم يقطع بها الأرض قاطع» «١» |
قال ابن سنان: «حمل الرشيد في بعض الأيام الى علي بن يقطين ثياباً فاخرة أكرمه بها، ومن جملتها دراعة منسوجة بالذهب سوداء من لباس الخلفاء، فأنفذ بها علي بن يقطين الى موسى الكاظم عليه السّلام فردها الإمام اليه وكتب اليه:
احتفظ بها ولا تخرجها عن يدك فسيكون لك بها شأن تحتاج معه اليها، فارتاب علي بن يقطين بردّها عليه ولم يدر ما سبب كلامه ذلك، ثم احتفظ بالدراعة وجعلها في سفط وختم عليها، فلما كان بعد ذلك بمدة يسيرة تغير علي بن يقطين على بعض غلمانه ممن كان يختص بأموره ويطلع عليها، فصرفه عن خدمته وطرده لأمر أوجب ذلك منه، فسعى الغلام بعلي بن يقطين الى الرشيد وقال له: ان علي بن يقطين يقول بإمامة موسى الكاظم، وانه يحمل اليه في كل سنة زكاة ماله والهدايا والتحف، وقد حمل اليه في هذه السنة ذلك وصحبته الدراعة السوداء التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا، فاستشاط الرشيد لذلك غضباً شديداً وقال: لأكشفن عن ذلك، فان كان الأمر على ما ذكرت أزهقت روحه وذلك من بعض جزائه،