فأمسكا عن سؤاله وقاما ولم يسألا عن شي ء وقالا: أردنا أن نسأله عن الفروض والسنّة أخذ يتكلم معنا علم الغيب، واللَّه لنرسل خلف الرجل من يبيت عند باب داره وننظر ما يكون من أمره، فأرسلا شخصاً من جهتهما جلس على باب ذلك الرجل، فلمّا كان أثناء الليل وإذا بالصراخ والواعية فقيل لهم: ما الخبر؟ فقالوا:
مات صاحب البيت فجأة، فعاد اليهما الرسول وأخبرهما بذلك، فتعجّبا من ذلك غاية العجب» «١».
قال محمّد بن طلحة الشافعي: «فهذه الكرامات العالية الأقدار الخارقة العوايد هي على التحقيق حلية المناقب، وزينة المزايا، وغرر الصفات، ولا يؤتاها الا من أفاضت عليه العناية الربانية أنوار التأييد، ومرت له اخلاف التوفيق وازدلفته من مقام التقديس والتطهير«وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» «2» ولقد قرع سمعي ذكر واقعة عظيمة ذكرها بعض صدور العراق أثبتت لموسى عليه السّلام أشرف منقبة وشهدت له بعلوّ مقامه عند اللَّه تعالى وزلفى منزلة لديه وظهرت بها كرامة بعد وفاته، ولا شك أن ظهور الكرامة بعد الموت أكبر منها دلالة حال الحياة. وهي: أن من عظماء الخلفاء- مجدهم اللَّه تعالى- من كان له نائب كبير الشأن في الدنيا من مماليكه الأعيان في ولاية عامة طالت فيها مدته، وكان ذا سطوة وجبروت، فلما انتقل الى اللَّه تعالى اقتضت رعاية الخليفه أن تقدم بدفنه في ضريح مجاور لضريح الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام بالمشهد المطهر، وكان بالمشهد نقيب معروف مشهود له بالصلاح كثير التردد والملازمة للضريح والخدمة له قائم بوظائفها، فذكر هذا النقيب أنه بعد دفن ذلك المتوفى في