الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٦
فصل في الإشارة إلى منهج آخر في أن الصادر الأول واحد غير مركب وهو ان العلة المفيضية لا بد وأن يكون بينها وبين معلولها ملائمة ومناسبة لا يكون لها مع غيره تلك الملائمة كما بين النار والاحراق والماء والتبريد والشمس والإضاءة ولذلك لا يوجد بين النار والتبريد والماء والاحراق والأرض والاشراق تلك الملائمة فلو صدر عن واحد حقيقي اثنان فاما بجهة واحده أو بجهتين لا سبيل إلى الأول لان الملائمة هي المشابهة والمشابهة ضرب من المماثلة في الصفة وهي الاتحاد في الحقيقة الا ان هذا الاتحاد إذا اعتبر بين الوصفين كان مماثله وإذا اعتبر بين الموصوفين كان مشابهه فمرجع المشابهة إلى الاتحاد في الحقيقة.
ثم إن الواحد الحقيقي من كل وجه هو الذي صفاته لا تزيد على ذاته فلو شابه الواحد لذاته شيئين مختلفين لساوى حقيقته حقيقتين مختلفتين والمساوي للمختلفين بالحقيقة مختلف والمفروض انه واحد هذا خلف ولا سبيل إلى الثاني والا لم يكن العلة عله واحده حقيقة وهذا قريب المآخذ مما سبق (1) (2).

(1) والفرق ان ما سبق انسب بمقام التنزيه بخلاف هذا الاستعمال لفظ المشابهة ومبدء المبادي لا يشبهه شئ س قده (2) وذلك لابتناء البيان فيه على الخصوصية التي تربط المعلول بالعلة وذكر بعض المحققين ان الفرق بينه وبين ما سبق ان ما سبق انسب بمقام التنزيه بخلاف هذا الاستعمال لفظ المشابهة فيه ومبدء المبادي لا يشبهه شئ انتهى وهو في محله فان البيان لا يخلو من رداء ه في التعبير لما في قوله لان الملائمة هي المشابهة والمشابهة ضرب من المماثلة في الصفة وهي الاتحاد في الحقيقة إلى آخر ما قال.
على أن هذا التعبير يخرج الكلام عن كونه بيانا برهانيا إذ لو كان المراد بالمشابهة والمماثلة معناهما الاصطلاحي وهو الاتحاد في الكيف والاتحاد في الماهية النوعية لم يجر البيان فيه تعالى ولا في شئ من العلل البسيطة الجوهرية مضافا إلى كونه ممنوعا من أصله ولو كان المراد غير ذلك وانما عبر بالمشابهة والمماثلة بنوع من التجوز والتشبيه كانت الجملتان زائدتين لا تنفعان شيئا وكان يكفيه ان يقال والملائمة هي الاتحاد في الحقيقة ثم قوله الا ان هذا الاتحاد إذا اعتبر بين الوصفين كان مماثله وإذا اعتبر بين الموصوفين كان مشابهه فمرجع المشابهة إلى الاتحاد في الحقيقة انتهى يزيد البيان ابهاما إذا المراد به إن كان جعل الاصطلاح على تسميه الاتحاد في الوصف مماثله والاتحاد في الذات مشابهه لم ينفع ذلك في البرهان شيئا وإن كان غير ذلك كان كون الملائمة مشابهه ممنوعا.
والأولى ان يقال في تقرير البرهان ان العلة المقتضية يجب ان يكون بينها وبين معلولها مناسبه ذاتية وارتباط خاص يرتبط به وجوده لذاته بوجودها لذاتها والارتباط الذاتي بين الوجودين يقتضى بنوع من الوحدة السنخية بينهما بحيث لا يفترقان الا بالشدة والضعف فلو صدر عن الواحد الحقيقي البسيط اثنان فاما بجهة واحده أو بجهتين لا سبيل إلى الأول لاستلزامه صيرورة ذلك الواحد اثنين وهو واحد هذا خلف ولا سبيل إلى الثاني لاستلزامه كون العلة مركبه غير بسيطه هذا خلف ط مده.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326