كل عالم قادرا (1) وكل قادر مريدا بل يلزم من ذلك كون كل موجود عالما قادرا حيا مريدا مع أن الواقع ليس كذلك بديهة واتفاقا فان كل أحد يعلم أن الأحجار والجمادات ليست علماء قادرين مريدين قلنا لو كنت (2) أيها المناظر المتعرض ذا قلب منور بنور الكشف والعرفان وذا بصيرة غير محتجبة بحجب الأغشية والأكوان لشاهدت جميع الموجودات التي في الأرض والسماوات عقولا كانت أو نفوسا أو صورا أو أجساما أو اعراضا احياء عالمين قادرين مريدين لكن على تفاوت وجوداتها فان هذه الصفات إذا كانت متحده مع الوجود كانت شدتها وضعفها وكمالها ونقصها وخلوصها وشوبها تابعه لشده الوجود وضعفه وكماله ونقصه وخلوصه وشوبه فالمادة الجسمية إذا حقق الامر في نحو وجودها الخارجي ظهر ان وجودها متضمن للعدم وظهورها مندمج في الخفاء وحضورها متحصل بالغيبة وبقاء ها منحفظ بالتجدد والزوال واستمرارها منضبط بتوارد الأمثال وذلك من وجهين.
أحدهما من جهة الامتداد والانبساط في المكان وافتراق كل جزء منها عن سائر الأجزاء في الكون الوضعي والوجود التحيزي وقد علمت أن كونها في الوضع و الحيز هو بعينه نحو وجودها فاختلاف اجزاء الجسم في الوضع والمكان هو بعينه اختلافها في الوجود والتشخص وكون اجزاء الجسم بحيث حضور كل منها يستصحب عدم سائر الأجزاء هو مقوم ذاته وحقيقة وجوده ومحصل ماهيته وهويته الاتصالية فذاته