متقومه بالاعدام والاحتجابات فذاته في غشاوة من ذاته لان ذاته محتجبة عن ذاته بذاته وغائبه عن نفسها بنفسها فضلا عن أن يكون الشئ محتجبا بشئ آخر عن نفسه أو خافيا بنفسه عنه شئ آخر أو غائبا بنفسه عن شئ آخر.
وثانيهما من جهة تجدد الطبيعة في الوجود وتبدلها في الكون وسيلانها كالماء الجاري شيئا فشيئا ودثورها آنا فانا وحدوثها في كل حين بنحو آخر فهاتان الجهتان برهانان على أن ليس للصورة الجرمية الهيولانية وجود علمي شعوري لا لذاتها ولا لغيرها الا بواسطة صوره مأخوذة منها (1) مطابقه إياها يكون لها حضور جمعي غير مادي ولا مخلوط بالاعدام والظلمات والحجب والجهالات فان كل ما فرض منها علما أو عالما في اي آن مفروض كان غيره في سائر الأنات والأزمنة وكل ما فرض حيوه أو حيا في حين مفروض كان موتا أو فسادا في باقي الأحيان فلم يوجد منها علم مستمر ولا حيوه باقيه ولا اراده ثابته كحال أصل الوجود إذا دقق أحد النظر وحدق البصر فإنه يجد ان نقصان الأجسام والماديات في الوجود هو بعينه نقصانها في العلم والحياة والإرادة فكما ان أصل طبيعة الوجود فيها تشوب بالعدم حتى صار وجودها ضربا من العدم لغاية النزول والخسة فكذلك صورها التي في الخارج كأنها صوره علميه قد نقصت وضعفت وتكدرت بدخول النقائص والقصورات في ذاتها فصارت علما كلا علم (2) وحياه كالموت وإرادة كالكراهة وقدره هي بعينها العجز وسمعا هو الصمم وبصرا هو العمى وكلاما هو السكوت.
فما ورد في الكلام الإلهي من قوله جل ذكره وان من شئ الا يسبح بحمده ولكن