من الامتزاج الحادث من الكيفيات المتضادة انتهى.
وقد مثل الشيخ حال الميلين الطبيعي والقسري كما يشاهد في الحجر المرمى حالتي صعوده وهبوطه وكيفية التقاوم بينهما بحال الماء في حدوث الحرارة المنبعثة فيه من تأثير غيره حيث يبطل به البرودة المنبعثة من طباعه إلى أن تزول تلك الحرارة بأسباب خارجه شيئا فشيئا فيعود انبعاث البرودة من طباعه فإنه لا يجتمع في الماء حراره وبرودة بل يكون ابدا مكيفا بكيفية واحده متوسطة بين غايتي الحرارة الغريبة والبرودة الذاتية تارة أميل إلى هذه فتسمى حراره وتارة أميل إلى تلك فتسمى برودة وتارة متوسطا بينهما فلا تسمى باسميهما وذلك بحسب تفاعل الحرارة العارضة والطبيعة مع ما يعاونها من الأمور الخارجية كالهواء المبرد الحاوي لذلك الماء فكذلك لا يجتمع في جسم ميلان بل يكون دائما ذا ميل واحد شديد أو ضعيف قسري أو طبيعي وعند تقاوم الميل القسري والطبيعة كأنه ينعدم الميل بالكلية لكن الفرق بين الميلين الطبيعي والقسري للحجر وبين البرودة الذاتية والحرارة القسري للماء ان خلو الجسم من الميل ممكن كما في كونه عند حيزه الطبيعي وكما في حاله سكونه بين الحركتين الصاعدة القسرية والهابطة الطبيعية وكما في الحلقه التي تجاذب طرفاه بقوتين متساويتين ولكن خلو الماء عن مرتبه من الحرارة والبرودة غير ممكن لان بعض الأضداد يجوز خلو الموضوع القابل عنها وبعضها لا يجوز خلوه عنها.
وتاسعها انه هل يجوز اجتماع الميلين إلى جهة واحده أحدهما طبيعي والاخر غريب اما الجسم الابداعي الذي وجد على كماله الأتم من غير عائق عن ميلها الطباعي كالأفلاك في حركاتها الوضعية وكالعناصر الكلية في حركاتها لو فرض في العالم خلاء وهي في غير أحيازها كان ذلك ممتنعا لان قاعدة الامكان الأشرف دلت على أنها في أقصى الممكن من قويها الطبيعية فميولها بالغه إلى الغاية فلا يمكن الزيادة عليها من خارج واما في غيرها حيث يكون الجسم معارضا بما يدفعه مثل الحجر الهاوي فان الهواء يقاومه في ميله فلا يبعد ان يحصل معه معاون من ميل خارج يوجب سرعة حركته.