جهته فلو وجدت حركتان كذلك يلزم الجسم الواحد التوجه وعدمه إلى كل من المقصدين فكذلك من الممتنع ان يوجد ميلان مختلفان بالفعل في جسم واحد سواء أريد بالميل نفس المدافعة أو سببها القريب منها فعلى ما ذكرنا اندفع التناقض الذي أورده الإمام الرازي على كلامي الشيخ في الموضعين من الشفاء.
أحدهما ما قال في الفصل الذي تبين فيه ان بين كل حركتين سكونا بالفعل ولا تصغ إلى قول من يقول إن الميلين يجتمعان فكيف يمكن ان يكون في شئ بالفعل مدافعة إلى جهة وفيه بالفعل التنحي عنها ولا تظن ان الحجر المرمى إلى فوق فيه ميل إلى أسفل البتة بل فيه مبدء من شانه ان يحدث ذلك الميل إليه إذا زال العائق والثاني ما قال في الفصل الذي يتكلم فيه في حركه القسرية السبب في حركه القسرية قوة يستفيدها المتحرك من المحرك يثبت فيه مده إلى أن يبطله مصاكات كانت يتصل عليه مما يماسه وينحرق به وكلما ضعف بذلك قوى عليه الميل الطبيعي فقوله قوى عليه الميل الطبيعي يشعر بوجود الميل الطبيعي مع الميل القسري ولكن المراد منه مبدأ المدافعة أو قوتها بمعنى الامكان الاستعدادي المقابل للفعل واما الحلقه الساكنة مع أنها المجذوبة إلى جهتين فنحكم بوجود استعداد بعيد للمدافعتين لا وجودهما ولا وجود مبدئيهما القريبين.
وسابعها ان الميل كما يكون إلى الجهات المكانية كذلك يكون إلى المقاصد الكيفية والكمية والوضعية بل الجوهرية كما مضى في مباحث حركه بل الميل لما كان هو السبب القريب للحركة ينقسم إلى انقسامها فمنها ما يحدث فيه من طباع المتحرك فتنقسم إلى ما يحدثه الطبيعة كميل الحجر عند هبوطه والى ما يحدثه النفس كميل النبات إلى التزيد في الكم والى الاستحالة في الكيف كميل العنب من الحموضة بل من المرارة إلى الحلاوة ومن الخضرة إلى الصفرة وميل الحيوان عند اندفاعه الإرادي إلى جهة ومنه ما يحدث من تأثير قاسر خارج من الجسم كميل السهم عند انفصاله من القوس والكل عندنا بسبب الطبيعة سواء كانت مستقلة أو مقهورة للنفس أو مقسورة