فنقول اللا كون في الموضوع أعم من اللا كون في المحل لما عرفت ان الموضوع أخص من المحل عند المشائين فنقيضاهما يكونان بالعكس فيكون الجواهر أعم مما يكون في محل ومما لا يكون فيه إذ كلاهما يندرجان تحت معنى الوجود لا في موضوع.
وكذا العرض وهو ما يكون في موضوع يشمل الحال والمحل عند من جوز قيام العرض بالعرض فيكون أعم من كل منهما بوجه لان الحال قد يكون عرضا وقد يكون صوره والمحل قد يكون جوهرا وقد يكون عرضا على هذا التقدير.
وإذا ثبت ما ذكرناه فيكون الأقسام الأولية للجوهر على مذهب أولئك القوم خمسه لأنه اما ان يكون في محل أو لا يكون فيه والكائن في المحل هو الصورة المادية وغير الكائن فيه اما ان يكون محلا لشئ يتقوم به أو لا يكون والأول هو الهيولى والثاني لا يخلو اما ان يكون مركبا من الهيولى والصورة وهو الجسم أو لا يكون وحينئذ لا يخلو اما ان يكون ذا علاقة انفعالية بالجسم بوجه من الوجوه وهو النفس أو لا يكون وهو العقل.
والأجود في هذا التقسيم ان يقال الجوهر إن كان قابلا للابعاد الثلاثة فهو الجسم والا فإن كان جزء منه هو به بالفعل سواء كان في جنسه أو في نوعه فصوره اما امتدادية أو طبيعية أو جزء هو به بالقوة فمادة وان لم يكن جزء منه فإن كان متصرفا فيه بالمباشرة فنفس والا فعقل وذلك لما سيظهر من تضاعيف ما حققناه من كون الجوهر (1) النفساني الانساني مادة للصورة الادراكية التي يتحصل بها جوهرا آخر كماليا بالفعل من الأنواع المحصلة التي يكون لها نحو آخر من الوجود غير