هو الوضع كما مر.
وقد مرت الإشارة أيضا إلى أن هذا الوضع ليس الوضع الذي يوجد في النقطة وهو كون الشئ مشارا إليه بالحس وليس الوضع المذكور في الكم فان هذا الوضع يعتبر فيه نسب الاجزاء إلى الحاوي والمحوى والجهات الخارجة والوضع المذكور في تقسيم الكم لا يعتبر فيه ذلك ولكن الذي ذكروا فيه من كون الشئ بحيث يشار إليه انه أين هو مما يتصل (1) به اتصالا ثابتا لا يخلو عن خلط فان هذا الأين لو كان أينا حقيقيا لم يبق فرق بين الوضع بهذا المعنى والذي هو نفس المقولة فان الاجزاء ليس لها أين بالفعل وليست أيونها مما ينضاف بعضها إلى بعض على وجه يقال لبعض منها انها أين هي من الاخر.
ولو فرق بينهما بان أحدهما للمقدار والاخر للجسم الطبيعي فنقول ان الجسم الطبيعي انما يلحق الوضع إليه بتوسط المقدار التعليمي ولولا عروض المقدار لم يصح له فرض التجزي والقسمة المقدارية كما بين في باب الكم فيلحق الوضع الجسم كيفما كان بتوسط المقدار.
والحق عندنا انه لا بد من تحصيل الفرق بين الوضع الذي من خواص الجسم والوضع الذي يوجد في الكم وأطرافه لان مجرد كون الشئ كما أو مقدارا متصلا لا يكفي لقبوله الإشارة الحسية بأنه هيهنا أو هناك أو في الفوق أو في التحت أو جهة من جهات انما ذلك شان الكم الاتصالي مع اقترانه بالمادة القابلة للانفعالات والحركات والاختلافات فمجرد المقدار لا يقبل الإشارة الحسية بل الخيالية لكن القوم قد تسامحوا واطلقوا الحس وأرادوا ما يقابل العقل فالنقطة والخط والسطح والثخن كلها ليس شئ منها في ذاته واقعه في جهة من الجهات ولا للحس إليها إشارة