التعادلية التي أدركها الإمام بحدسه وعقله وحسه على السواء، إدراكا عجيبا لشدة ما فيه من الوضوح ثم لكثرة ما يمد صاحبه بالقوة على الكشف، فإذا به يعبر عن هذا الإدراك بكلمات تؤلف قواعد رياضية تتناول المظاهر وتنفذ منها إلى ما وراءها من أصول وجودية عميقة ثابتة.
وهكذا يستوي ابن أبي طالب وقمم الوجود على صعيد واحد من النظرة إلى الحياة الواحدة، والاحساس العميق بالوجود الواحد، فإذا بأدبه صرخات متلاحقة تنطلق من قلب عبقري يريد أن ينفذ إلى الأشياء حتى يرى أغوارها فيطمئن إلى هذا الإدراك وحتى يعقل ما تباين منها ثابتا على قاعدة، وما اختلف منها نابعا من أصل، وما تباعد منها مضموما في وحدة طرفاها الأزل والأبد!