في زاوية بعيدة من السماء شبيهة بصحراء حزينة يتلاشى الصوت فيها، سوى قليل من الرماد الأحمر قد انتثر في جوف الليل!
وها هي ذي نجوم مجرة أخرى تصور عوالم لا تقل عن تلك العوالم، متناثرة في الأثير، ذلك المحيط الذي لا رمال فيه ولا حصباء في جوانبه، تذهب أمواجه ولكن لا تعود أبدا إلى شواطئه.
وأخيرا ها هو الإله يتحدث:
(ليس لدي إلا أن أنفخ، فيصبح كل شئ ظلاما (1)) وإليك ما يقوله علي بن أبي طالب في صفة الطاووس (2)):
(ومن أعجبها خلقا الطاووس الذي إقامة في أحكم تعديل، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد. بجناح أشرح قصبه. وذنب أطال مسحبه. إذا درج إلى الأنثى نشره من طيه وسما به مظلا على رأسه. تخال قصبه مداري من فضة، وما انبت عليه من عجيب داراته وشموسه خالص العقيان وفلذ الزبرجد. فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت: جنى جني من زهرة كل ربيع. وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشى الحلل أو مونق عصب اليمن. وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل: يمشي مشي المرح المختال، ويتصفح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكا لجمال سرباله وأصابيغ وشاحه (فإذا رمى ببصره إلى قوائمه زقا معولا يكاد يبين عن استغاثته. ويشهد بصادق توجعه لأن قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية. وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة.
ومخرج عنقه كالإبريق، ومغرزها إلى حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال