وفي (فتح البيان): إن أحاديث (الضربتين) لا تخلو جميع طرقها من مقال، فالحق الوقوف على ما ثبت في الصحيحين من حديث عمار من الاقتصار على ضربة واحدة (1).
وفي سنن أبي داود (بأربعة أسانيد عن عمار، وأيضا بأسانيد أخرى): التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين، (وهكذا في سنن النسائي) (2).
وفي (فتح البيان): الوجه ثم الكفان يمسحهما مرة بضربة واحدة ناويا مسميا. والأصل فيه قوله تعالى: " فامسحوا بوجوهكم وأيديكم "، (فالباء) للتبعيض كما بينته السنة، وكما هو مدلول آية (برؤوسكم) عند أكثر المحققين (3).
في (شرح المهذب) عن جماعة من أهل العربية: إن (الباء) إذا دخلت على متعدد كما في الآية " بوجوهكم ورؤوسكم " تكون للتبعيض، وعلى غير المتعدد كما في آية " وليوفوا بالبيت العتيق " تكون للإلصاق.
وفي صحيح البخاري عن عمار (مرفوعا)، قال: إنما يكفيك أن تصنع (هكذا)، وضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله، وظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه (4).
أيضا إنما كان يكفيك أن تصنع (هكذا)، ومسح وجهه وكفيه واحدة. وفيه: الاكتفاء بضربة واحدة في التيمم.
في الروضة الندية: أما الاقتصار على الكفين، فلكون الأحاديث مصرحة بذلك، منها: حديث عمار بن ياسر: أن النبي (ص) أمره بالتيمم للوجه والكفين (أخرجه الترمذي، وغيره وصححه).
ومنها: ما في الصحيحين من عمار (مرفوعا): ثم مسح بهما وجهه، وكفيه، وفي لفظ الدارقطني:
ثم تمسح بهما وجهك، وكفيك إلى الرسغين (5).
وفي الفتح (باب التيمم): للوجه والكفين أي هو الواجب المجزي، وأتى بصيغة الجزم مع شهرة الاختلاف فيه لقوة دليله فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جحيم، وعمار، وما عداهما فضعيف، أو مختلف في رفعه، ووقفه، والراجح عدم رفعه. فأما حديث أبي جحيم فورد بذكر اليدين مجملا، وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين. ومما يقوى رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي (ص) بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره ولا سيما الصحابي المجتهد.
أما ما استدل به من اشتراط بلوغ المسح إلى المرفقين من أن ذلك مشترك في الوضوء، فجوابه أنه قياس في مقابلة النص فهو فأسد الاعتبار، وقد عارض من لم يشترط ذلك بقياس آخر، وهو الإطلاق في آية، ولا حاجة لذلك مع وجود هذا النص، (إنتهى ملخصا) (6).
وقال النووي في (شرح مسلم): وقد ذهب إلى أنه يقتصر من اليدين على الكفين عطاء،