والكفار ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله (ص) يركض بغلته قبل الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله (ص) أكفها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بركاب الرسول (ص)، فقال رسول الله (ص): أي عباس ناد أصحاب السمرة (هي الشجرة التي بايعوا النبي (ص) تحتها يوم الحديبية)، فقال عباس (وكان رجلا صيتا)، فقلت بأعلى صوت: أين أصحاب السمرة، (الحديث). هكذا في روضة الصفا، وتاريخ الطبري (1).
أقول: قد أول صاحب (المرقاة) هنا تأويلا لا يعبأ به فإنه قال: " مدبرين لكن مقبلين إلى رسول الله ". يا للعجب أنهم إن كانوا مقبلين إليه (عليه السلام) فلم ناداهم العباس بأمره (عليه السلام) هذا.
في غروة الطائف في الخصائص: أخرج ابن سعد عن الحسن قال حاصر رسول الله (ص) أهل الطائف فقال عمر: يا نبي الله ادع على ثقيف. قال إن الله لم يأذن لي في ثقيف. قال: فكيف نقاتل في قوم لم يأذن الله فيهم، فارتحلوا (2).
فثبت من هذا الحديث أنه (عليه السلام) لم يقاتل في الطائف، وارتحل بدون قتال، وحصل الفتح بلا محاربة.
فصل: في بيان فرار الخلفاء الثلاثة في المغازي أيها الأخوان، الأخبار تنادي بأعلى صوت على أن عليا (ع) لم يفر في غزوة قط، بل ثبت واستقر، وحارب الكفار، وقتلهم وخذلهم، وفتح الله على يديه ما لم على يد أحد. وأما سائر الخلفاء فقد فر بعضهم في غزوة، وبعضهم في غزوة أخرى (كما سترى إن شاء الله).
في إزالة الخفاء: أخرج البخاري (من حديث ابن عمر): أما فراره (أي فرار عثمان) من (أحد) فأنا أشهد أن الله قد عفا عنه.
وفيه: أخرج البخاري في قصة حمراء الأسدي قالت عائشة: فانتدب منهم (أي بادروا إلى الإجابة) سبعون رجلا فيهم أبو بكر، والزبير.
وكذا في تفسير ابن كثير (3).
وفي تأريخ الخلفاء، وتفسير ابن كثير، وإزالة الخفاء عن عائشة قالت: قال أبو بكر الصديق لما حال الناس عن رسول الله (ص) يوم (أحد) كنت أول من فاء فبصرت به من بعد (الحديث