يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله، ومنهم من يقول: ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف قال رسول الله: قوموا عني. قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.
وفي رواية سليمان بن أبي مسلم الأحول قال ابن عباس: يوم (الخميس)، وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت: يا بن عباس، وما يوم الخميس؟ قال: اشتد برسول الله وجعه فقال: إئتوني بكتف أكتب كتابا لا تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر استفهموه، فذهبوا يردون عليه فقال: دعوني، ذروني، فالذي، أنا فيه خير مما تدعوني إليه فأمر بثلاث فقال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت عن الثالثة أو قالها فنسيتها قال سفيان: هذا من قول سليمان، (متفق عليه) (1).
قال النووي في شرح مسلم قوله: " وما يوم الخميس " معناه تفخيم أمره في الشدة والمكروه فيما يعتقده ابن عباس، وهو امتناع الكتاب. ولهذا قال ابن عباس: " إن الرزية... الخ " (2).
وذكر البخاري هذا الحديث في كتابه في عدة مواضع في (كتاب الجهاد)، وفي كتاب الخمس (باب إخراج اليهود من جزيرة العرب)، وفي (باب مرض النبي - ص - ووفاته) (3).
شرح حديث " القرطاس " شرح الحديث قوله: " حضر " بصيغة المجهول أي حضره الموت. وفيه تجوز فإنه عاش بعد ذلك اليوم، وهو يوم الخميس إلى يوم الاثنين (كذا قال في المرقاة).
قوله " فاختلف أهل البيت ": في (اللمعات) أي من كان في البيت إذ لم يرو أهل بيت النبي.
فظهر أن عليا، والعباس لم يكونا عند التنازع في البيت عند النبي (ص) كما قال العسقلاني في شرحه: فاختلف أهل البيت (أي من كان في البيت حينئذ من الصحابة ولم يرو أهل بيت النبي).
قوله " اللغط ": في (اللمعات) أي أصوات مبهمة لا تفهم.
قوله " إن الرزية ": أي المصيبة.
قوله " ثم بكى " قال الشيخ الدهلوي في شرح المشكاة: قيل أراد النبي (ص) أن يكتب تعيين واحد من الصحابة للخلافة لئلا يقع بعده نزاع منهم، وكان بكاء ابن عباس لفوات معتقده من هذا الخير.
قال الخفاجي (شارح شفا قاضي عياض): فإن قلت فقد تقررت عصمته في أقواله فما معنى الحديث في وصيته قال سفيان: أراد أن يبين أمر (الخلافة) بعده حتى لا يختلفوا فيها.
وفي شرح صحيح البخاري قيل، يتأول على وجهين:
أحدهما: أنه أراد أن يكتب اسم الخليفة بعده لئلا يختلف الناس، وثانيهما أن لا يتنازعوا،