صحيح، وما وراءه باطل، فهذا هو ترجيح بلا مرجح كما قالوا: " نؤمن ببعض ونكفر ببعض ": بل قالوا " إنا وجدنا عليه آباءنا وإنا على آثارهم مقتدون ".
على أنه لا يخلو أحد من مفسريهم، ومؤرخيهم من أن يستدل بهذه الكتب كما لا يخفى. وإذا استدل بها الفريق الثاني أنكروا صحتها (إن هذا إلا شئ عجاب). وإن أنكروا قول ثقة بلا سند أيضا بطلت سلسلة الدين بأسرها، كما حقق عبد الحي في رسالة السبعة: أن لا مدار على الإسناد الصرف بل لقبول العلماء، وملكتهم دخل على أن جرح الإسناد ليس من مسند بإسناد صحيح.
فكيف نعلم أن كتب أسماء الرجال كلها مكتوبة بحضرة الرواة، أو معاصريهم، بل يحتمل أن يكون الإلزام والجرح من المخالف، أو من سماع المخالف، وهو لا يعلم بنفسه علم اليقين، أو كان من متعصبي المذهب، وهذا التسلسل ممكن جار على كل راو (وهلم جرا)، وهذا هو الباطل.
فصل: في توثيق الكتب فالآن نكتب هاهنا حال بعض الكتب التي أخذنا منها، ونظهر توثيقها لتطمئن القلوب.
أما السيوطي فقد سمعت حاله آنفا، وهو الذي ألف تفسير (الجلالين)، و (الدر المنثور)، و (الإتقان) وقد قارب أربعمائة فصاعدا.
وأما تفسير (فتح البيان)، و (الدر المنثور)، وغيرهما فقال السيد الصديق في فتح البيان: وأذكر الحديث معزوا إلى راوية من غير بيان حال الإسناد لأني آخذه من الأصول التي نقلت عنها، كذلك كما يقع في تفسير ابن جرير، والقرطبي، وابن كثير، والسيوطي، ويبعد كل البعد أن يعلموا في الحديث ضعفا، ولا يبينوه.
(ثم قال): واعلم أن التفسير السيوطي المسمى (بالدر المنثور) قد اشتمل على غالب ما في تفسيرات السلف من التفاسير المرفوعة إلى النبي (ص)، وتفاسير الصحابة، ومن بعدهم. (ثم قال): وقد اشتمل هذا التفسير (أي فتح البيان) مني على جميع ما تدعو إليه الحاجة مما يتعلق بالتفسير مع الاختصار، وضممت إلى ذلك فوائد لم تشتمل عليها زبر أهل الرواية، وعوائد لاحت لي من تصحيح، أو تحسين، أو تضعيف (1).
وفي الأجوبة الفاضلة لعبد الحي اللكنوي، ومنهاج السنة لابن تيمية: وأما أهل العلم الكبار أصحاب التفاسير مثل تفسير محمد بن جرير الطبري، وابن مخلد، وابن أبي حاتم، وأبي بكر المنذر، وأمثالهم فلم يذكروا فيها مثل هذه الموضوعات، دع من هو أعلم منهم مثل تفسير أحمد ابن حنبل، وإسحاق بن راهويه بل ولا يذكر مثل هذا عبد بن حميد، ولا عبد الرزاق.
ففي هذه العبارة كفاية للتفاسير لأنه من أكابر أفاضل متعصبي أهل الجماعة ففي الدرجة الأولى