المقدمة في لفظ الشيعة ومصداقه إعلم أن إطلاق (الشيعة) ليس اصطلاحا جديدا، ولا هو أسد صائل، ولا طاعون هائل، ولا وباء ينتشر، بل نسب للتشيع جل الأئمة من المفسرين والمحدثين كيف لا وقد مدح الله سبحانه إبراهيم الخليل في كتابه الكريم " وإن من شيعته لإبراهيم ". قال العلامة السيوطي في الجلالين " وإن من شيعته " أي ممن تابعه في أصل الدين لإبراهيم وإن طال الزمان بينهما.
وقد غلط في تفسيرها كثير من المتعصبين ولا نتصدى إلى جوابهم خوفا من الإطناب. ومدار هذا الاعتراض قلة محبة أهل البيت وعدم تفضيلهم على سائر الصحابة وهذا ليس بمحدث حتى يكون بدعة بل كان قديما. ألم تسمع ما قال الطاعنون في الإمام الشافعي بترفضه وما أجاب هو مفتخرا به وهو مستغن عن بياننا وسيأتي إن شاء الله تعالى.
وكان هذا الاطلاق في القرن الأول يصدق على أصحاب علي (ع) خاصة، كما في التفسير لابن جرير الطبري المسمى بجامع البيان في تفسير القرآن، (الجزء الثلاثين): حدثنا ابن حميد، حدثنا عيسى ابن فرقد عن ابن الجارود عن محمد بن علي (أولئك هم خير البرية) فقال النبي (ص):
" أنت يا علي وشيعتك ".
وكذا في تفسير فتح البيان للسيد الصديق (1).
وكذا في تفسير الدر المنثور: أخرج ابن مردويه عن علي (ع) قال رسول الله (ص) لعلي: أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض. وفيه: أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي (ص) فأقبل علي فقال النبي (ص) " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ".
ونزلت " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية "، فكان أصحاب النبي (ص) إذا أقبل علي (ع) قالوا: جاء خير البرية.
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا: " علي خير البرية ". وأخرج ابن عدي عن ابن عباس مثله (2).
وفي ترجمان القرآن للسيد الصديق، عن أبي هريرة أيضا مثله (3).