أحدها: أنه كان يكتب فيما بين النبي (ص) وبين العرب كما صرح به المدائني، وغيره (1).
ثانيها: إن كتابة الوحي لم تصح، ومن ادعى فعليه تصريح آية آية كتبها معاوية على أن القائلين به قالوا في وجهه كلمة بالغة لا تدركها العقول (2).
في (معاني الأخبار): إن وجه الحكمة في استكتاب النبي (ص) الوحي معاوية، وعبد الله بن سعد، (وهما عدوان)، هو أن المشركين قالوا أن محمدا يقول هذا القرآن من تلقاء نفسه، ويأتي في كل حادثة بآية يزعم أنها أنزلت عليه، وسبيل من يضع الكلام في حوادث تحدث في الأوقات إن تغير الألفاظ إذا استعيد ذلك الكلام، ولا يأتي به في ثاني الأمر وبعد مرور الأوقات إلا مغيرا عن حاله الأولى لفظا ومعنى، أو لفظا دون معنى. فاستعان في كتابة ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة بعدوين له في دينه عدلين عند أعدائه (3).
ثالثها: إن مطلق الكتابة لم تفد إذا لم يصحبها الإيمان كما روي في " مدارك التنزيل " في سورة الأنعام تحت قوله تعالى " ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلي ولم يوح إليه شئ ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله " (4)، أي سأقول وأملي هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح كاتب الوحي، وقد أملى النبي (ص) عليه " ولقد خلقنا الإنسان - إلى قوله - خلقا آخر " فجرى على لسانه:
فتبارك الله أحسن الخالقين. فقال عليه السلام: اكتبها فكذلك نزلت، فشك وقال إن كان محمد صادقا فقد أوحي إلي كما أوحي إليه، وإن كان كاذبا فقد قلت فارتد، ولحق بمكة ". وهكذا في التفسير الحسيني، ولباب النقول للسيوطي بفرق يسير في القصة، وسيأتي في (التكذيب على النبي) بمعناه فإنه كان كاتب الوحي ثم ارتد فلم تعصمه (الكتابة).
على أن إيمان معاوية، وأبيه معلوم ابتداء بأنهما كانا من المؤلفة قلوبهم بلا اختلاف. وأما انتهاء فلم يستحكم لهتكه حرمة عترة النبي المستلزمة لهتك حرمة النبي (ص) وتركه الاستمساك الواجب بالثقلين كما مر غير مرة.
فصل: في مصالحة علي (ع) وابنه الحسن (ع) لمعاوية في الخصائص للنسائي عن ابن عباس (في حديث طويل): نشهد أن نبي الله يوم الحديبية صالح المشركين فقال لعلي: أكتب يا علي: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله، فلما كتب قالوا:
لو نعلم أنك رسول الله لأطعناك، فاكتب محمد بن عبد الله، فقال رسول الله: أمح يا علي (رسول