وفي (روضة الأحباب) ما حاصله عن عمرو بن العاص قال: لا تحزنوا إني أدبر هذه الليلة إن شاء الله، وأفوض الخلافة بلطائف الحيل إلى عثمان. ثم ذهب إلى علي (ع)، فأظهر عنده محبته، ووفاقه، وقال له إذا يعرض عليك أمر الخلافة من عبد الرحمن فلا تجبه أول مرة لئلا يظن الناس رغبتك لها، وإذا اشترط عليك باتباع سيرة الشيخين تجيبه بقدر ما استطعت، ولعل عثمان يقول هكذا، وإذا تعرض عليك ثانيا أجبه. ثم ذهب إلى عثمان وقال له إذا تعرض عليك شرائط الخلافة تقبل بلا وقفة وإلا ذهبت الخلافة إلى علي، وأما الزبير فقال لعبد الرحمن لعلي، فتكدر منه عثمان أبدا، فلما أصبحوا واجتمعوا في المسجد رقى عبد الرحمن على المنبر، وفعل ما فعل (1).
قد يعلم الناس إنا خيرهم نسبا * كما به تشهد البطحاء والمدر والبيت ذو السر والأركان لو سألوا * نادى بذلك ركن البيت والحجر وفي الإمامة والسياسة: أن عائشة لما أتاها أنه بويع لعلي وكانت خارجة عن المدينة فقيل لها قتل عثمان، وبايع الناس عليا فقالت: ما كنت أبالي أن تقع السماء على الأرض، قتل والله مظلوما، وأنا طالبة بدمه. فقال لها عبيد: إن أول من طعن عليه وأطمع الناس فيه لأنت ولقد قلت اقتلوا (نعثلا) فقد فجر. فقالت عائشة: قد والله قلت، وقال الناس، وآخر قولي خير من أوله، فقال عبيد: عذر والله ضعيف يا أم المؤمنين، وهكذا في روضة الأحباب وفيه: اقتلوا نعثلا فإنه قد كفر، وقتل الله نعثلا، ولعن الله نعثلا (2).
أقول: لا حاجة لنا أن نكشف حالة الشورى فوق هذا، لأنا قد أثبتنا أن صناديد العرب (معاوية ابن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وأبا موسى الأشعري) قد اجتمعوا، وشاوروا وليس معهم أحد من بني هاشم فكفى الشورى بهم، وصارت الخلافة لعثمان بمشهورة عبد الرحمن وحده.
الدليل الرابع: التسلط والغلبة وهو ليس بدليل الحق، نعم لا بد من هذه الأربعة للسلطنة وهي غابة عند أهل السنة فقط لأن الملك لمن غلب، والماء لمن طلب، وخلافة النبوة والإمامة وطريق الحق وتعليم الدين والتقريب إلى الله سبحانه لا تحصل بالتسلط المحض بل لها شرائط أخرى.
في حجة الله البالغة لولي الله الدهلوي: تنعقد الخلافة بوجوه: بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء، وأمراء الأجناد ممن يكون له رأي ونصيحة للمسلمين (كما انعقدت خلافة أبي بكر)، وبأن يوصي الخليفة الناس به (كما انعقدت خلافة عمر)، أو تجعل (شورى) بين قوم (كما كان عند انعقاد خلافة عثمان، بل علي أيضا)، أو استيلاء رجل جامع للشروط على الناس وتسلطه