فصل: في الصلاة على النبي (ص) وآله في (كنز العمال): إذا جلست في صلاتك فلا تتركن الصلاة علي فإنها زكاة الصلاة، (رواه الدارقطني) (1). وعن عبد الله بن بريدة قال عليه السلام: يا بريدة إذا جلست في صلاتك فلا تتركن التشهد، والصلاة علي (رواه الخطيب) (2).
وقال النووي في شرح مسلم: ذهب الشافعي، وأحمد إلى أنها (أي الصلاة على النبي - ص -) واجبة لو تركت لم تصح الصلاة. وهو مروي عن عمر، وابنه عبد الله، وهو قول الشعبي. وقد نسب جماعة الشافعي في هذا إلى مخالفة الإجماع، ولا يصح قولهم فإنه مذهب الشعبي - كما ذكرنا - (وقد رواه عنه البيهقي) (3).
وفي الروضة الندية: وذهب الشافعي وحده إلى وجوبها في التشهد الأخير فإن لم يصل لم تصح صلاته (4).
وفي (الصواعق المحرقة): صح عن ابن مسعود تعيين محلها (أي الصلاة)، وهو بين التشهد والدعاء، فكان القول بوجوبها، لذلك الذي ذهب إليه الشافعي هو الحق الموافق لصريح السنة، ولقواعد الأصوليين. وتدل عليه أيضا أحاديث صحيحة كثيرة استوعبتها في شرحي (الإرشاد) و (العباب) مع بيان الرد الواضح على من تشنع على الشافعي، وبيان أن الشافعي لم يشذ، بل قال به قبله جماعة من الصحابة كابن عمر، وابن مسعود، وجابر، وأبي مسعود البدري، وغيرهم والتابعين:
كالشعبي، والباقر (ع)، وغيرهم كإسحاق بن راهويه، وأحمد. بل لمالك قول موافق للشافعي رجحه جماعة من أصحابه بل قال شيخ الإسلام، خاتمة الحفاظ ابن حجر: لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين التصريح بعدم الوجوب إلا ما نقل عن إبراهيم النخعي مع إشعاره بأن غيره كان قائلا بالوجوب (5)، فزعم أن الشافعي شذ، وأنه خالف في ذلك فقهاء الأمصار مجرد دعوى باطلة لا يلتفت إليها، ولا يعول عليها.
وفي (حاشية الشفاء) للشوكاني: أقل ما يقال فيه (أي في التشهد الأوسط) تشهد ابن مسعود، ويضم إليه الصلاة على النبي (ص) وآله بأخصر لفظ، فهذا لا ينافي التخفيف المشروع.
وفي الروضة الندية: لكن ليس في الحديث ما ينفي زيادة الصلاة على النبي (ص) (6).
وفي الميزان للشعراني: ومن ذلك الاختلاف قول الشافعي، وأحمد في أشهر الروايتين: إن الصلاة على النبي (ص) في التشهد الأخير فرض تبطل الصلاة بتركها.