أدلة أهل السنة لصحة الخلافة الدليل الأول: الإجماع فالإجماع أحد الأدلة عندهم.
قلنا (الإجماع) ليس بحجة لصحة الخلافة والإمامة لأنها نائبة مناب، والنبوة من فضل الله يعطيه من يشاء، " الله أعلم حيث يجعل رسالته "، " ما كان لهم الخيرة ". ولأن فعل الناقصين ناقص، كما أن الأعمى لا يكون بصيرا، ولا الأحمق لبيبا، على أنه ليس من أمر يتفق ويجتمع عليه كل فرد وإنسان حتى يخرج منه أحد.
وقالوا: والشرط إجماع الكل، وخلاف الواحد مانع كخلاف الأكثر، لأن لفظ الأمة في قوله عليه السلام: " لا تجتمع أمتي على الضلالة " يتناول الكل فيحتمل أن يكون الصواب مع المخالف، (كذا في نور الأنوار بعينه) (1)، وقال النووي في شرح مسلم: وهذا هو الصحيح المشهور، فلا أقل من أن تكون الملل الإسلامية متفقة أو مسلمو ملك واحد، أو مصر واحد، وهذا مما لم يوجد في العصر الأول فما بعده كما لا يخفى (2).
وفي فتح البيان: ولا حجة في الآية، أي قوله تعالى " ويتبع غير سبيل المؤمنين " على حجية الإجماع لأن المراد بغير سبيل المؤمنين هو الخروج من دين الإسلام إلى غيره كما يفيده اللفظ ويشهد به السبب، فلا يصدق على عالم اجتهد في بعض المسائل فأوصله اجتهاده إلى مخالفة من بعصره من المجتهدين فإنه إنما رام السلوك في سبيل المؤمنين، وهو الدين القويم، والملة الحنيفية ولم يتبع غير سبيلهم (3).
وفي جامع البيان ومعالم التنزيل ومدارك التنزيل وترجمان القرآن: قوله تعالى " ويتبع غير سبيل المؤمنين " أي غير طريقهم.
وفي التفسير الكبير: أي غير ما هم عليه أجمعون من اعتقاد أو عمل ولا بأس بمخالفة البعض إذا وافق البعض لقوله عليه السلام " أصحابي كالنجوم ".
وفيه: فمن ترك متابعة سبيل المؤمنين لأجل أنه ما وجد على وجوب متابعتهم دليلا فلا جرم لم يتبعهم، فهذا الشخص لا يكون متبعا لغير سبيل المؤمنين، فهذا سؤال قوي على هذا الدليل (4).
قال ابن حزم في (المحلى): رحم الله أحمد بن حنبل فلقد صدق إذ يقول: من ادعى الإجماع فقد كذب. وقال العلامة ابن القيم في إعلام الموقعين: وكذلك نص الشافعي أيضا في رسالته الجديدة على أن ما لا يحكم فيه بخلاف لا يقال له الإجماع، ولفظه: ما لا نعلم فيه خلافا فليس إجماعا (5).