وقال جاء هذا عن الحسن، ومجاهد ونص عليه أحمد في رواية أبي داود، وبه قال إسحاق، وأبو ثور، وداود الطبري، واحتجوا بقوله تعالى: " هو الذي يصلي عليكم ". وفي صحيح مسلم أيضا مرفوعا أن الملائكة تقول لروح المؤمن: صلى الله عليك، وعلى جسدك.
وقوله تعالى: " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ".
عن ابن أبي أوفى: كان إذا أتى رجل النبي (ص) بصدقته قال: اللهم صل عليه، وأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى.
وفي (الفتح): قالت طائفة تجوز مطلقا، وهو مقتضي صنيع البخاري (ثم قال ووقع مثله عن قيس بن سعد بن عبادة: أن النبي (ص) رفع يديه وهو يقول: " اللهم اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة "، (أخرجه أبو داود، والنسائي وسنده جيد).
العجب كل العجب، بل الحسرة كل الحسرة أن أهل (الجماعة) جوزوا السلام على أبي حنيفة بالاستقلال (كما في أصول الشاشي في أصول الفقه للحنفية): " والسلام على أبي حنيفة، وأحبابه "، الخ وقد ترك في الخطبة الابتدائية " السلام على آل محمد "، ومنعوا السلام على علي (عليه السلام)، (كما مر)، ففيه كفاية لمن له دراية.
وفي عون الباري لحل أدلة البخاري: وأما أئمة أهل الحديث فلعل العذر لهم في عدم رقم الصلاة على الآل التقوي لأهل الجفاء والضلال الذين عادوا آل محمد (عليهم السلام)، وأخافوهم كل مخالفة وشردوهم كل مشرد، كما وقع في عصر (الدولتين) الأموية والعباسية. وإن كانوا يعدون أنفسهم من (الآل)، فلسان حالهم يقول:
إقتلوني ومالكا * واقتلوا مالكا معي فافتقر أئمة الحديث، وهم في تلك الأمصار إلى حذف الصلاة على الآل في تصانيفهم الصغار والكبار، و (التقية) تبيح مثل هذا، (ثم قال) ثم ذهبت (التقية)، وانقرضت دول تلك الفرق الغاوية، ولكنه قد شاب على ذلك الكبير وشب عليه الصغير فاستمروا في الحذف لهم جهلا، واستمروا عليه خطأ مع إملائهم لحديث التعليم في كل كتاب من كتب السنة (1).
فيا حسرتا على علماء هذا الزمان، (زمن الأمان) أن يخافوا إلى الآن من (يزيد)، و (مروان)، و (الحجاج)، و (عمرو بن العاص)، وأتباعهم وأشياعهم بأنهم لا يصلون ولا يسلمون لا قراءة ولا كتابة على آل محمد، بل يحسبون فعلهما من علامة (التشيع)، وما هذا إلا اختلاق، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وصلى الله تعالى وسلم على سيدنا محمد وآله وعترته الطيبين الطاهرين.
وضع الأحاديث للتقرب من الملوك ومن علامات ضعف إسلام علماء أهل الجماعة وضعهم الأحاديث، وجعلهم المسائل لرضاء