والمرأة، فخر الشاب ساجدا فسجدا معه، فقلت: يا عباس أمر عظيم، فقال: أمر عظيم أتدري من هذا؟ فقلت: لا. فقال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي. أتدري من هذا معه؟
فقلت: لا. قال: هذا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن أخي. أتدري من هذه المرأة التي خلفهما؟ قلت: لا. قال: هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخي. وهذا حدثني أن ربك رب السماء أمرهم بهذا الذي تراهم، وأيم الله ما على ظهر الأرض كبها أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة (1).
أقول: قد ثبت مما حررنا أن إيمان أمير المؤمنين عليا كان سابقا، وكان قديما، وكان يصلي مع النبي (ص) في صباه، وما ذكرناه هنا إلا تيمنا وتبركا، وموازنة للمخالفين.
رد الإشكال حول إيمان الأطفال لا يقال: إن إيمان الأطفال ليس بمعتبر، لأنهم ليسوا بمحل التكاليف الشرعية.
لأنا نقول هذا لغير الأنبياء والأوصياء، وأما الأنبياء والأوصياء فلا يقاس بهم سائر الناس كما قال جل شأنه في شأن يحيى " وآتيناه الحكم - أي النبوة - صبيا " أي في ثلاث سنين.
وقال في شأن عيسى - ع - (حكاية): " آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا "، وفي شأن يوسف " وأوحينا إليه - أي في حال الصبا - لتنبأنهم بأمرهم هذا "، وغير هؤلاء.
وأوصياؤه، وأهل بيته الطاهرون (ع) مثلهم في قبول الإيمان حال الصبا فلا يقاس حالهم بسائر الناس لأن فطرتهم على الإيمان، ونورهم، ونور النبي واحد، كما يدل عليه حديث نور، وتفصيله في " العبقات "، وله مجلد ضخم من شاء فليرجع إليه، وإيمانهم من عهد (الميثاق) كما ذكر من قول علي (ع) في اليواقيت ناقلا عن الشعراني على أنه (ص) قال: " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين " الحديث، (رواه أبو داود كما في المشكاة) (2) فإذا كانوا غير مكلفين، فالضرب لهم على الصلاة ظلم " وما ربك بظلام للعبيد ".
وفي الخصائص عن علي (ع) مرفوعا: يا معشر قريش، والله ليبعثن الله عليكم رجلا منكم قد امتحن الله قلبه بالإيمان فليضربنكم على الدين. قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا. وقال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن هو الذي يخصف النعل. وكان أعطى عليا نعله يخصفها (3). (رواه أحمد، والترمذي بمعناه).
ولنا أن نستدل على قبول إيمانه بأنه آمن بفطرته، أو بدعوة النبي (ص)، ونتساءل هل دعا النبي (ص) للإيمان صبيا غيره، أم لا؟! فجوابهم جوابنا، ولا حاجة لنا بالبيان.