فصل: في إثبات تغير وصف الصلاة بعد النبي (ص) روى البخاري في صحيحه، مع الفتح (باب تضييع الصلاة عن وقتها) عن أنس قال: ما أعرف شئ كما كان على عهد النبي (ص)؟! قيل: الصلاة. قال: الصلاة، قال أليس صنعتم ما صنعتم فيها. وفي رواية: سمعت الزهري يقول: دخلت على أنس بن مالك بدمشق، وهو يبكي فقلت وما يبكيك، فقال لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة، وهذه الصلاة قد ضيعت (1).
وعن عمران بن حصين قال: صلى مع علي بالبصرة، فقال ذكرنا هذا الرجل صلاة كنا نصليها مع رسول الله (ص)، فذكر أنه كان يكبر كلما رفع، وكلما وضع (2).
وفي (الفتح) قوله: مع علي (ع) (أي ابن أبي طالب)، بالبصرة يعني (بعد وقعة الجمل)، قوله: ذكرنا (بتشديد الكاف وفتح الراء) وفيه إشارة إلى أن التكبير الذي ذكره كان قد ترك.
وقد روى الطحاوي بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري، قال: ذكرنا علي (ع) صلاة كنا نصليها مع رسول الله (ص) إما نسيناها، وإما تركناها عمدا، ولا حمد من وجه آخر.
عن مطرف قال: قلنا (يعني لعمران بن حصين) يا أبا نجيد (كنية عمران بن حصين): من أول من ترك الكبير، قال عثمان بن عفان حين كبر، وضعف صوته، (وهذا يحتمل إرادة ترك الجهر).
وروى الطبراني عن أبي هريرة أن أول من ترك التكبير معاوية. وروى أبو عبيد: أن أول من تركه زياد.
وهذا لا ينافي الذي قبله لأن زيادا تركه بترك معاوية، وكان معاوية تركه بترك عثمان.
وفي صحيح البخاري عن مطرف بن عبد الله قال صليت خلف علي بن أبي طالب (أنا، وعمران بن حصين) كان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال قد ذكرني هذا (أي علي) صلاة محمد (ص)، أو قال لقد صلى بنا (أي علي - ع -) صلاة محمد (ص) (3).
وفي الفتح: وكذا رواه سعيد بن منصور من رواية حميد بن هلال، ووقع لأحمد من طريق سعيد، وكذا لعبد الرزاق عن معمر عن قتادة، وغير واحد عن مطرف فيحتمل أن يكون ذلك وقع منه بالبلدين.
ثم قال: وفي رواية قتادة عن مطرف، قال عمران: " ما صليت منذ حين "، أو " منذ كذا، وكذا أشبه بصلاة رسول الله (ص) من هذه الصلاة "، (إنتهى ملخصا).
وهكذا في صحيح مسلم، وفي سنن ابن ماجة عن أبي موسى قال: صلى بنا علي (ع) يوم الجمل صلاة ذكرنا صلاة رسول الله (ص)، فأما أن نكون نسيناها وأما أن نكون تركناها (4).
قال الحافظ في (نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية): روى الحاكم عن أنس قال: صليت