" ومن لا حياء له فلا غيبة له " رواه الخرائطي في مساوئ الأخلاق، وابن عساكر عن ابن عباس (1).
تبين مما ذكرناه جواز ذكر مساوئ المسلمين أحياء كانوا أو أمواتا، سلفا كانوا أو خلفا، لضرورة شرعية، لئلا يقتدي الناس بآثار من لا يستحق بالإمامة، ولئلا يمدحوا من لا يليق بالمدح، وهذا ليس بعيبة ولا بظن السوء المنهي عنهما، وجاز الهجران عنه، والتبري منه بل هو واجب لقوله " من أبغض لله فقد استكمل الإيمان "، ومن استحق اللعن جاز اللعن عليه، وإنما أطلنا الكلام في هذا المقام لدفع أوهام الأنام، وأفهام العوام، وإذا فرغنا من هذا فلنشرع في المرام الذي نحن بصدده من ذكر ملوك الإسلام.
فصل: في أحوال يزيد بن معاوية لا يخفى على أحد حاله، ولنكتف بذكر بعض أحواله.
في الشرف المؤبد لآل محمد: قال العلامة الصبان في إسعاف الراغبين: إن الإمام أحمد يقول بكفر يزيد، وناهيك به ورعا وعلما يقتضيان أنه لم يقل ذلك إلا لما ثبت عنده من أمور صريحة وقعت منه توجب ذلك، ووافقه على ذلك جماعة كابن الجوزي وغيره، وأما فسقه فقد أجمعوا عليه وأجاز قوم من العلماء لعنه بخصوص اسمه (2).
وفي شرح العقائد: وبعضهم أطلق اللعن على (يزيد) لأنه كفر حين أمر بقتل الحسين، واتفقوا على جواز اللعن على من قتله، أو أمر به أو أجازه ورضي به. والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين، واستبشاره بذلك وإهانة أهل البيت مما تواتر معناه، وإن كانت تفاصيله آحادا، فنحن لا نتوقف في شأنه، بل في إيمانه (لعنة الله عليه وأنصاره وأعوانه) (3).
وفي حياة الحيوان (في ذكر شهادة الحسين): وما اعتمدوه من سبي الحريم، وقتل الذراري مما تقشعر من ذكره الأبدان، وترتعد منه الفرائض (4).
وفي نور العينين في مشهد الحسين للعلامة أبي إسحاق الأسفرائيني في مكتوب يزيد إلى عبيد الله بن زياد عامله " واعلم أن الحسين أرسل إلى أهل الكوفة والعراق مسلما يصلي بهم، ويخطب لهم ويقضي بينهم فأسرع إليه واقتله وأرسل إلي رأسه وانظر جميع من يحب الحسين أو يذكره على لسانه أو دخل في بيته فانهه وإن لم ينته فاقتله، واقتل عياله، وانهب ماله، وأسبي حريمه، واحتل في قتل الحسين وجميع من معه والحذر ثم الحذر أن تتهاون في قتل الحسين وأصحابه، (إنتهى منتخبا) (5).