في بعض رواياتهم أن أبا بكر قال لفاطمة أعمل كما عمل فيها رسول الله (ص) فمردود بعمله، لما روى في سنن أبي داود (المترجم لوحيد الزمان، وفي غير المترجم)، والمسند لأحمد عن جبير بن مطعم: كان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله غير أنه لم يكن يؤتي قربى رسول الله ما كان النبي (ص) يعطيهم، (الحديث) (1). وفي نيل الأوطار بإسناد البخاري مثله (2).
وأما ما قالوا أن عليا أسخط فاطمة بخطبة بنت أبي جهل، فمدفوع بأنه كذب، كما في كنز العمال عن ابن عباس قلت: يا أمير المؤمنين (عمر) إن صاحبنا (علي) من قد علمت والله ما تقول أنه ما غير ولا بدل ولا أسخط رسول الله أيام صحبته، فقال (عمر): ولا بنت أبي جهل، وهو يريد أن يخطبها على فاطمة؟ قلت: قال الله في معصية آدم " ولم نجد له عزما "، وصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله (ص)، ولكن الخواطر التي لا يقدر أحد دفعها عن نفسه، الحديث، (رواه الزبير ابن بكار في الموفقيات) (3).
أقول: هذا عندهم، وأما عند الإمامية فلم تثبت خطبته، بل أشاع المنافقون خبر إرادة الخطبة عند فاطمة، فجرت القصة فلما علمت فاطمة (ع) أنه كذب زال سخطها، كما قال الحافظ في (الفتح): وإنما خطب النبي ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به (إلى أن قال): وزعم الشريف المرتضى (من الإمامية) أن هذا الحديث موضوع لأنه من رواية المسور، وكان فيه انحراف عن علي (4).
فصل: في بيان علم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إعلم أنه تعالى أمرنا بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم لكونه تعالى عليه، كما قال سبحانه " إن ربي على صراط مستقيم "، ولكون نبيه عليه، كما قال تعالى " إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم "، ولهديه إليه بقوله " إنك لتهدي إلى صراط مستقيم "، " وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ". وهذا لا يحصل بدون العلم.
ومن أجل ذلك أمر الله نبيه " قل رب زدني علما "، وأعز الله العلم وأهله قال " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات "، " وقل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون "، " وإنما يخشى الله من عباده العلماء " وقد أشهد الله تعالى على وحدانيته أهل العلم، وأشركهم في هذه المرتبة العظيمة والدرجة الكريمة بشهادته، وشهادة ملائكته. فهذا من أعظم درجات العلماء، وأكبر كمالاتهم كما قال عز اسمه " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط ".
وفي فضائل العلم دفاتر لا تكاد تحصى.