فصل: في ذكر مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ويقال له ابن الطريد، وقد يقال له طريد الرسول. طرد صغيرا مع أبيه، وقد طردهما رسول الله (ص) إلى الطائف، وطرده الشيخان، وأعاده عثمان (وهو صهره)، وكاتبه سرا، وبسببه جرى عليه ما جرى، وخلافته عشرة أشهر.
روى الحاكم في كتاب الفتن والملاحم من المستدرك مرفوعا أنه (ص) قال في حقه " الوزغ ابن الوزغ، الملعون بن الملعون " وصح إسناده، وقد ذكر تعامله مع أهل البيت.
عبد الملك بن مروان فإنه حبس إمام الساجدين زين العابدين بأثقلة من حديد، ووكل به حفظة، وجعل الأغلال في يديه ورجليه (1).
وكفى به من مساوية توليته الحجاج بن يوسف الثقفي على العراق، وحاله مما لا يخفى على من له نظر. ومن جملة أحكامه منع الناس العمل بفتاوى علي (عليه السلام) كما نقله المسعودي في مروج الذهب أنه طلب شريح القاضي وسأل عنه في مسألة مذاهب الخلفاء الراشدين فأجاب القاضي بآراء الخلفاء الثلاثة ثم بين حكم أمير المؤمنين علي (ع) فيها فمنعه الحجاج وقال: لا تقل برأي أهل الجبن، وافت بفتوى عثمان (2).
وفي حياة الحيوان، وتاريخ الخلفاء: لما كان الحجاج عاملا على العراق أمر (أخزاه الله وقبحه) بصلب جسد ابن الزبير (3).
وقال السيوطي في تاريخه في ذكر عبد الملك: وهو أول من غدر في الإسلام، وأول من نهى عن الأمر بالمعروف (4).
وفي ذكر وصيته لابنه الوليد: انظر الحجاج فأكرمه فإنه هو الذي وطأ لك المنابر، وهو سيفك يا وليد، ويدك على من ناواك، فلا تسمعن فيه قول أحد (5).
قال السيوطي: قلت لو لم يكن من مساوئ عبد الملك إلا الحجاج وتوليته على المسلمين وعلى الصحابة يهينهم، ويذلهم قتلا، وضربا، وشتما، وحبسا، وقد قتل من الصحابة، وأكابر التابعين ما لا يحصى فضلا عن غيرهم، وحتم في عنق أنس، وغيره من الصحابة ختما يريد بذلك ذلهم (فلا رحمه الله ولا عفا عنه). وسيأتي أن الناس يختفون في أداء الصلاة زمن الحجاج لما كان يريد أن يؤدوا كما أبدعه.