عن حلها فسألوا عليا، فأحسن الجواب. وهكذا في حادثة أخرى فقال عمر: أبا حسن لا أبقاني الله لشدة لست لها، ولا في بلد لست فيه. وفي قضية أخرى قال عمر: يا بن أبي طالب فما زلت كاشف كل شبهة، وموضع كل حكم، (ورجاله ثقات) (1).
في (الدين الخالص): خفيت على عمر أكثر المسائل، وأنكر عمر من وفاة النبي (ص) حتى قلد السيف بقتل القائل بموته عليه السلام. وصعد أبو بكر المنبر، وفهمه، وتلا " إنك ميت وإنهم ميتون " و " ما محمد إلا رسول "، فقال عمر: كأنها أنزلت اليوم، (كذا في مدارج النبوة، وإزالة الخفاء، وغيرهما).
أقول: وإنما أطلنا الكلام في علم الخليفة الثاني ما لم نطل في علم الأول، والثالث لأن أهل (الجماعة) يتمذهبون بالمذاهب الأربعة، وهم كالشراح لمتن مذهب عمر.
فصل: في بيان علم الخليفة الثالث عثمان بن عفان إعلم أن من أنموذجات علمه جمعه القرآن برأيه على ترتيب غير ما أنزل، وحرقه المصاحف الباقية، وإثباته الآيات بشهادة رجلين أو تحليف من عنده، (كما في اللمعات، وغيره).
في الإتقان قال: قبض النبي (ص) ولم يكن القرآن جمع في شئ. قال الحاكم في المستدرك على شرط الشيخين، عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله (ص) نؤلف القرآن من الرقاع (الحديث)، وهو من جلد، أو ورق، أو كاغذ. روى البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت في حديث طويل: فتتبعت القرآن أجمعه من العسب (جريد النخل)، واللخاف (الحجارة الدقاق)، وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره " لقد جاءكم رسول " الآية (2).
وأخرج ابن أبي داود من طريق يحيى من عبد الرحمن بن حاطب قال قدم عمر فقال: من كان تلقى من رسول الله (ص) شيئا من القرآن فليأت به، وكانوا يكتبون ذلك في الصحف، والألواح، والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان، (إلى آخره).
وأخرج ابن أبي داود أيضا من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر قال لعمر ولزيد: إقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شئ من كتاب الله فاكتباه. وكان الناس يأتون زيد بن ثابت فكان لا يكتب آية إلا بشاهدي عدل. وإن آخر سورة (براءة) لم توجد إلا مع أبي خزيمة بن ثابت قال اكتبوها فإن رسول الله (عليه السلام) جعل شهادته بشهادة رجلين، فكتب، وأن عمر أتى بآية الرجم، فلم يكتبها لأنه كان وحده.
قال ابن حجر: ظاهر هذا أنهم كانوا يؤلفون آيات السور باجتهادهم.