الباب الأول اختلاف المذاهب ومعيار أهل الحق إعلم أنه قد اختلفت المذاهب وادعى كل واحد منها على كونه أهل الحق، والفرقة الناجية وشاعت الأحاديث، منها ما يكون صحيحا وضعيفا وحسنا وغريبا ومتواترا ومشهورا وواحدا مرفوعا وموقوفا متصلا ومنقطعا ومرسلا وموضوعا وغيرها، أحوجتنا إلى مميز ثقة معتمد عليه، ومعصوم مقتدى به، ومرجح يرجح به، فلما جسسناه وجدنا (الثقلين) معيارا يميز به الناقد من الكاسد، والصحيح من الفاسد الذين أمرنا باعتصامهما واستمساكهما الواجب إطاعته سيدنا وشفيعنا ومولانا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال " إني تارك فيكم الثقلين "، وهو حديث متواتر تلقته الأمة بالقبول، ولو أنكر الجهول، فما طابقهما فهو الحق الحقيق بالقبول، وإن كان مخالفا لرأي بعض الفحول، والعمل عليه هو الاتباع للسواد الأعظم، والالتزام بالفرقة الناجية، كما مر وسيأتي، فلنذكر هنا (حديث الثقلين) الذي هو مدار المهام، بحيث تدور عليه رحى الإسلام.
حديث الثقلين في الصواعق المحرقة: ثم اعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقا كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيا (1).
وفي صحيح مسلم وغيره في خطبته (عليه السلام) في حجة الوداع قبل وفاته بنحو شهر: " إني تارك فيكم الثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا ".
وفي رواية صحيحة: كأني قد دعيت فأجبت.
وفي رواية: " وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، سألت ربي ذلك لهما، فلا تتقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ". إنتهى - من الصواعق.
وفي أرجح المطالب: عن زيد بن ثابت عن رسول الله (ص) قال " إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي " (2)، أخرجه الطبراني في مسند بن ثابت.