وبين الله تعالى (أي بين العبد المخلوق وبين الله الخالق) واسطة نورانية ذات جهتين لها تعلق خاص بالنور البحت القديم، وتعلق الإنسان المادي محل الحوادث من بني آدم ليستأنس به أبناء جنسه إذ بعث فيهم " رسولا من أنفسهم " ويتمثل به ويقتدي ويتوسل إلى ربه لقوله سبحانه " وابتغوا إليه الوسيلة "، ولا يستوحش عنه، ولا يتنفر فيحرم من فيضه وهو عالم فائق فطرة، ممتاز عنهم موصوف بالصفات الحميدة الإلهية معلم لأوامره ونواهيه، " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم "، فهو (نبي) لكونه منبيا أي مخبرا عن ربه تعالى، أو لعلو مقامه، و (رسول) لتبليغه أحكامه، و (خليفة) لكونه معلما من جانب الله لخلقه، و (إمام) لكونه مقتدى الخلق، وهو خليفة الله في أرضه، ونائب على خلقه لكونه مظهرا لصفات الله تعالى، وهو واجب الإطاعة ذو العصمة لئلا يخالف مستخلفه بل يطابقه في الصفات فوق الطاقة البشرية غير الشاقة عليه ليمتاز عن سائر أبناء جنسه لأنه يمتنع أن يكون الجاهل للعالم، والأعمى للبصير والخبيث للطيب إماما " الله يجتبي من يشاء ويهدي إليه من ينيب "، " وربك يخلق ما يشاء ويختار "، " ما كان لهم الخيرة ".
" إني جاعل في الأرض خليفة ".
" يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض "، " إني جاعلك للناس إماما ".
" الله أعلم حيث يجعل رسالته "، " فافهم وكن من الشاكرين ".
فصل: تطابق الصفات المحمدية بالصفات الإلهية قال تعالى في شأنه - جل وعلا - " ورحمتي وسعت كل شئ ". وقال سبحانه في حقه (عليه السلام) " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ".
قال في حقه سبحانه " إن رحمة الله قريب من المحسنين "، وقال في حق نبيه (ص):
" بالمؤمنين رؤوف رحيم ".
قال في حقه " الله نور السماوات والأرض "، وقال في حق نبيه " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ".
قال في حقه " والله يدعو إلى دار الإسلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "، وقال في حق نبيه " إنك لتهدي إلى صراط مستقيم "، " وداعيا إلى الله ".
قال في حقه " إن ربي على صراط مستقيم "، وقال في حق نبيه " إنك لمن المرسلين على صراط