فصل: في الصلاة على الميت قد مر ذكر غسله، وغاسله، وماسه، وسائر صفاته مثل الطهارة من النجاستين، واستقبال القبلة، وستر العورة وغيرها.
واعلم أن عدد التكبيرات ما فوق الأربع ليس بمنسوخ كما زعم أهل الجماعة، وليس لها دعاء معين بحيث لا يجوز سواه، وإن (الإمامية) قالوا إن التكبيرات على الدرجات الإيمانية كما يفهم مما قال النووي في شرح مسلم: روى عن علي (عليه السلام) أنه (ص) كان يكبر على أهل (بدر) ستا، وعلى سائر الصحابة خمسا، وعلى غيرهم أربعا (هكذا أخرجه الدارقطني في سننه، والسيوطي في الخصائص الكبرى) (1).
في (فتح الودود على حاشية سنن أبي داود): ثبوت الزيادة على الأربع (في الجنازة) لا مرد له من حيث الرواية.
وفي الميزان الكبرى: ومن ذلك قول الأئمة الأربعة بأن تكبيرات الصلاة على الجنازة أربع، مع قول محمد بن سيرين إنهن ثلاث، ومع قول حذيفة بن اليمان إنهن خمس، وكان ابن مسعود يقول:
كبر رسول الله (ص) على الجنازة تسعا، وسبعا، وخمسا، وأربعا، فكبروا ما كبر إمامكم فإن زاد على أربع لم تبطل صلاته (2).
وفي منتخب كنز العمال على (هامش مسند أحمد) حدثنا يحيى بن عبد الله (ع) قال: صليت خلف عيسى مولى لحذيفة بالمدائن على جنازة، فكبر خمسا ثم التفت إلينا فقال: ما وهمت ولا نسيت، ولكن كبرت كما كبر مولاي، وولي نعمتي حذيفة بن اليمان صلى على جنازة، وكبر خمسا ثم التفت إلينا (وأسند إلى رسول الله (ص) وانتهى) (3).
وفي فتح الباري، ونيل الأوطار للشوكاني: اختلف السلف في عدد ذلك (أي عدد التكبيرات على الميت) فروى عن زيد بن أرقم أنه كان يكبر خمسا كما في حديث الباب، وروى ابن المنذر أيضا عن ابن مسعود إنه صلى على جنازة رجل من بني أسد، فكبر خمسا، وعلى سائر الناس أربعا، وروى ذلك أيضا ابن أبي شيبة، والطحاوي، والدارقطني عن (عبد خير) عنه (أي عن علي - ع -).
وروى البيهقي عن أبي وائل قال: كانوا يكبرون على عهد رسول الله (ص) أربعا، وخمسا، وستا، وسبعا فجمع عمر أصحاب رسول الله (ص) فأخبر كل رجل منهم بما رأى فجمعهم عمر على أربع تكبيرات (4).
وفي (الفتح) بإسناد بلفظ صحيح، ثم قال وروى البيهقي بإسناد حسن إلى أبي وائل.